تظهر الأحداث الأخيرة، أن الدور الذي تسعى إليه باريس في الشرق الأوسط، يتخطى مسألة مجرد إبداء الرأي، ليصل إلى إثبات مدى قدرتها على أن تكون حكماً عادلاً بين أطراف نزاع

باريس ــ بسام الطيارة
رأى مصدر دبلوماسي فرنسي، أمس، أن «وقف إطلاق النار هشّ» في غزة لا يتحمل أي توتر على صعيد التصريحات، مقارناً الوضع في القطاع بالوضع في جنوب لبنان، مباشرة عقب وقف الحرب عندما كان التخوف عالياً من «إفلات الأمور من نصابها». وأكد الدبلوماسي تشابه «الطريق للوصول إلى وقف للاقتتال» بين ما حصل في تموز 2006 وما يحصل حالياً في غزة، مؤكداً أن باريس في الحالتين سعت «دائماً إلى إيقاف القتال قبل النظر إلى الحسابات السياسية، بعكس بعض القوى الإقليمية والدولية»، رافضاً الدخول في التفاصيل.
ولا تتوقف المقارنة بين جنوب لبنان وغزة عند «نيات باريس»، بل تتجاوزها إلى «الأحداث التي تتلو أو تلت وقف إطلاق النار». فيذكر الجميع بأن وزارة الخارجية، استدعت في تشرين الثاني من عام ٢٠٠٦ السفير الإسرائيلي في باريس، بعد حادثة التحليق المنخفض العلو لطائرات حربية إسرائيلية، فوق جنود فرنسيين عاملين في قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان. وها هي تكرر باستدعاء السفير، بعد توقيف القنصل الفرنسي العام في القدس، آلان ريمي، لأكثر من ست ساعات مع إطلاق نار تحذيري فوق رأسه.
ويؤكد محلل دبلوماسي يتعاون مع وزارة الخارجية، أن «مثل هذه الحوادث، هي رسائل توجهها تل أبيب إلى باريس»، في كل مرة «تخرج دبلوماسيتها بعيداً عن سكة، ما تراه إسرائيل مصالحها الاستراتيجية».
ويشير المحلل في هذا الصدد إلى هدف زيارة إيمي «لتقويم الوضع ولا سيما فتح نقاط العبور وتفقّد المشاريع التي تموّلها فرنسا»، إضافة إلى «إعادة التواصل مع دمشق» والبعثات الفرنسية التي تقوم بـ«خطوات انفتاحية» على «حماس» في دمشق وتلتقي بحزب الله، وهي خطوات تراها تل أبيب «مسهّلة لتعنت حماس».
ويضيف المحلل أن ساركوزي كان «حذقاً بتكليفه عضو البرلمان بمهمة استقصاء واتصال» في إشارة إلى فيليب ماريني، إذ إنه كنائب يستطيع، «بحكم فصل السلطات، حتى إذا استندت المهمة إلى تكليف من الرئيس، الاجتماع مع أيّ كان»، في رد غير مباشر، على تسريبات عما «إذا كان عضو مجلس الشيوخ قد التقى ممثلي حماس والجهاد الإسلامي» في دمشق.
من جهة ثانية، من المنتظر أن يلتقي وزير الخارجية برنار كوشنير الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، الاثنين، على أن تدور المحادثات حول «شكل المبادرة التي ستحل محل هيكلية الرباعية، التي أثبتت فشلها». وتوقعت بعض المصادر أن يطالبه بـ«مشاركة أميركية فعالة، ضرورية لاستكمال عملية السلام». إلا أن مصدراً فرنسيّاً نفى بشدة هذا الأمر، وأكد «أهمية اللجنة الرباعية»، مشيراً إلى «أنها لا تزال تمثل المجتمع الدولي».