باريس ــ بسّام الطيارةيتّفق أكثر من مراقب على أن إلغاء القمّة الأوروبية ـــ الصينية هو قبل كل شي «تحذير لفرنسا» بشخص رئيسها نيكولا ساركوزي بشأن لقائه المرتقب مع الزعيم التيبتي الدالاي لاما. إلّا أن البعض يعجب بسبب هذه «المعاملة» التي تخص بكين باريس بها، على عكس غيرها من الدول الغربية، رغم كونها «أكثر قساوة». فألمانيا امتنعت عن المشاركة في افتتاح الألعاب الأولمبية بسبب التيبت، كما أن الولايات المتحدة جعلت من الحفاظ على «استقلالية تايبه» والدفاع عنها مبدأً لا جدال فيه في علاقاتها مع الصين.
تساؤل حملته «الأخبار» إلى «رئيس مكتب ممثلية تايوان في فرنسا»، تشينغ لونغ لو، أي بطريقة ما سفير من دون سفارة، بعدما ضغطت الصين على معظم الدول لتسحب اعترافها بتايوان، وجرى تحويل السفارت إلى «مكاتب تمثيل».
أمرٌ يعزوه لونغ لو إلى «ضغوط الصين» وتعاظم قوتها في السنوات العشر الأخيرة، إضافةً إلى «لهاث باريس وراء العقود التجارية». ويقول إن «الصين تعرف نقاط ضعف فرنسا، وترى أنها تستطيع معاملتها بخشونة». ويضيف إن بكين تستثمر رغبة باريس هذه «لجعلها مثالاً للدول الأوروبية الأخرى، منعاً لأي تقارب بينها وبين تايبه والتيبت».
وبشأن الجزيرة التايوانية، يقول لونغ لو إنه «منذ وصول الرئيس شين يون لين إلى الحكم في أيار الماضي، فإن العلاقات خرجت من مرحلة التأزم. وبات شعار الاستقلال عن الصين وراءنا»، موضحاً أن «الشعار الجديد القديم هو صين واحدة بنظرتين مختلفتين». ويشير إلى اللقاء الأخير بينهما، الذي توصل إلى اتفاق على أربع نقاط هي: تطبيع العلاقات اليومية والسماح برحلات جوية يومياً، تأمين خطوط نقل بحري مباشرة، وإعادة الخدمات البريدية المقطوعة منذ الحرب العالمية الثانية، وأخيراً التواصل الدائم بشأن الملفات الصحية.
ويضيف لونغ لو «دخلنا في مرحلة وقف إطلاق النار الدبلوماسي»، في إشارة إلى «وقف دبلوماسية الشيكات» من قبل تايبه، في مقابل امتناع بكين عن الاعتراض على مشاركة «الجزيرة الممانعة» في الوكالات الدولية.
ورغم هذا التحسن في الأجواء بين «البلدين»، فإن لونغ لو لا يستطيع إلا أن يلاحظ «غياب تفهم الصين لطموحات الشعب التايواني بأن يكون سيد مصيره».
وفي هذا الصدد، يذكّر «السفير» بالضغوط التي تعرض لها لبنان لمنع الرئيس السابق شين شوي بيان من «المرور ترانزيت في مطار بيروت» في طريقه إلى أميركا، ويشدد على أن «تايوان تسعى جاهدة لمساعدة الدول العربية على تنفيذ مشاريع ثقافية وتنموية من دون أي مقابل سياسي».
وكشف لونغ لو عن «تعاون مقبل بين متحف تايبه»، وهو رابع أكبر متحف في العالم، وبين معهد العالم العربي في باريس، قد يكون له امتدادات «مثلثة الأضلاع» في العواصم العربية.