حكاية لجوء بدأ في 1587: «محظوظون» احتضنتهم «الثورة»
طهران ــ محمد شمص
«نحن الأرمن جزء لا ينفكّ عن النسيج الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي وتربطنا علاقات مميّزة مع إيران». بهذه الكلمات يلخّص كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس في لبنان، آرام الأول كشيشيان، العلاقة بين الطائفة الأرمنية وإيران.
هم إيرانيون لا يميّزهم عن سواهم سوى أنهم من الطائفة الأرمنية، التي يفوق عدد أفرادها عدد أقرانهم الموجودين في لبنان (مئتا ألف ويزيد). منتشرون في مدن طهران وأصفهان وشيراز وتبريز والأهواز. ورغم القيود التي تفرضها الشريعة على المواطنين في الجمهورية الإسلامية، يبقى الأرمن خارج حيّز هذه القيود، «متمتعين بكامل حرياتهم الدينية والفكرية والسياسية»، حسبما يرى كبير أساقفتهم في إيران صبوح سركيسيان.
وعن مساحة الحقوق الممنوحة للمواطنين الأرمن والحرية في التعبير والتبليغ والعبادة والشعور بالاستقرار، يوضح سركيسيان أن هذه الأمور «لم يشعر بها الأرمن إلا بعد انتصار الثورة الإيرانية في عام 1979»، لهذا فهم «جزء من النسيج الإيراني وقد أسهموا في البناء والدفاع عن إيران وقدّموا الشهداء قرابين على مذبح الوطن في حقبات مختلفة».
ولدى الأرمن عشرات الكنائس والأديرة ودور العبادة وثلاث مطرانيات في كل من طهران وأصفهان وتبريز. ولديهم أيضاً مؤسسات ومراكز ثقافية ونوادٍ، لعل أهمها مجمع «آرارات» الثقافي الضخم في طهران، فضلاً عن صحف ومجلات تصدر بلغتهم، بالإضافة إلى مستشفيات ومطاعم ومكتبات وأكثر من 25 مدرسة خاصة، لغة التدريس الرسمية فيها هي الأرمنية.
وفي مجلس الشورى الإسلامي نائبان أرمنيان، هما: روبرت بغلريان وغئورغ ورطان، يمثّلان الطائفة لدى البرلمان، بحسب نص الدستور، الذي يفرض احترام الأقليات الدينية ويخرجهم لأول مرة ربما عن كونهم أهل ذمة في دولة إسلامية، أو أنهم طائفة ومواطنون من الدرجة الثانية.
ومع أن الأرمن أقلّية، إلا أن حراكهم الاجتماعي والسياسي ومحاولاتهم الثقافية المتنوعة تخدم مشروعهم للانصهار في المجتمع الإيراني؛ يزاولون أعمالاً مختلفة في الطبّ والهندسة والتجارة ولهم مكانتهم بين تجّار السوق. ومن أساليب التعبير لديهم، مواقع إلكترونية أثمرت، حسب رأيهم، في تحسين وتظهير وجهة نظرهم الواقعية والحقيقية والتعريف بتوجّهاتهم السياسية داخل إيران وخارجها.
ويعتقد القائم على كنيسة نيكولاي في طهران، الأب يفغيني، أنه «رغم أن النظام هو نظام دولة إسلامية إلا أنه لا يتدخل في حياتهم وأنهم يملكون حرية التعبير عن معتقداتهم». ويضيف «المسيحيون الإيرانيون يعيشون في بلدهم مرتاحون ويكسبون رزقهم». كلام الأب يفغيني يأتي في معرض الرد على تقارير صدرت عن وزارة الخارجية والكونغرس الأميركيين عن «انتهاك لحقوق» الأقليات والمسيحيين في إيران.
وربما يشكّل الدخول إلى مجمّع «آرارات» الثقافي في طهران، صدمة لزوار الجمهورية الإسلامية، حيث يُفاجأ الزائر إلى هذا المكان الترفيهي، والذي لا يسمح الدخول إليه لغير الأرمن، بمناخات مختلفة عن الخارج.
في الداخل ازدحام شديد، ربما بسبب اقتراب موعد أعياد الميلاد ورأس السنة. قاعات فارهة وصاخبة مليئة بالشباب والشابات بكامل حريتهم؛ فتيات بلا حجاب ولا مانتو (اللباس الشرعي). وما هو محرّم في الخارج مسموح هنا ومباح. لذلك يتمتع مجمّع آرارات بأحكامه وقوانينه وشريعته الخاصة؛ الخمر والنبيذ مسموح بيعهما وشراؤهما وشربهما، لكن للأرمن فقط داخل آرارات.
غير أنه ما سرّ هذا التناغم والانسجام بين الأرمن والجمهورية الإسلامية؟
يرى مؤرخون أرمن أنه قد يكون من أسباب ذلك أن إيران شكّلت الملجأ والملاذ التاريخي لآلاف من بني جلدتهم، النازحين والهاربين من نير الأتراك. وسهّل دخول الأرمن إلى إيران، الشاه عباس الصفوي عام 1587، ومنحوا عام 1606 حال «المحظوظين الملكيين»، بما يشبه الحكم الذاتي، حيث القوانين والقضاء طبقاً لأحكام أرمنية مسيحية.
واتسع نشاطهم التجاري حينذاك حتى أسسوا في منطقة أصفهان ما يعرف بـ«مملكة تجّار نور جولفا الأرمن»، وفيها الآن 13 كنيسة وديراً. أمّا بعد انتصار الثورة، فكان لافتاً الدعم السياسي والاقتصادي الذي قدّمته إيران للأرمن.
ويقول أحد أقطاب الأرمن في قبرص «إن إيران وفّرت، على مدى التاريخ، المناخ والظروف الملائمة لعيش الأرمن، وحالياً تقدّم مساعدات اقتصادية لجمهورية أرمينيا».
أمّا التاجر الأرمني في طهران، جوزف ورطانيان، فيقول «في السابق واجهنا بعض المشاكل، لكن الآن الناس يأتون إلينا للبيع والشراء بصورة طبيعية».
وفي محافظة أذربيجان (شمال غرب إيران)، حيث «الكنيسة السوداء»، التي عرفت بهذا الاسم بسبب لون حجارتها، يقول الخبير في الآثار والترميم، خسرو فرعي، إن «هذه الكنيسة تضمّ، بحسب تاريخ الأرمن، رفات القديس طاطائيوس، أحد حواريي المسيح، وقد دمرها زلزال قوي في القرن الثالث عشر للميلاد وأعيد بناؤها في العهد القاجاري». وتوصف هذه الكنيسة ذات «الطراز الأرمني»، بأنها الآن «محجّ لكل الأرمن في العالم».
وإلى جانب الكنيسة السوداء، تقع كنيسة سان استبانوس، التي محا الزمن تاريخ إنشائها. ويشهد على عراقتها رسوم الخطاطين وكتابات الفلاسفة في إيوانها وقاعة قدّاسها وعلى جدرانها وغرفها الكبيرة وأيقوناتها.
وفي أصفهان هناك كنيسة «ونك»، التي تنتمي معظم راهباتها إلى الطائفة الأرمنية في لبنان، حيث يصطفّ الداخلون في الباحة لمشاهدة عبارة خطّها منذ القدم أحد الأساقفة على شعرة، ولا يمكنك رؤيتها إلا عبر مجهر.


أول اعتراف لنجاد بأزمة اقتصاديةوقال نجاد، في حديث للتلفزيون الرسمي الايراني أول من أمس، إن موازنة الحكومة للعام المقبل ستلحظ تعديلاً على أساس أن يكون سعر برميل النفط المفترض 30 دولاراً أميركياً. وقال الرئيس الايراني «علينا أن نترك الجزء الاكبر من مشاريعنا خلفنا. لكننا مجبرون على تثبيته (سعر البرميل المفترض في الميزانية) على 30ـــــ35 دولاراً، حيث إننا لم نقرّر السعر في الاسواق العالمية».
وأضاف «بسبب الركود العالمي، قد تنخفض أسعار النفط أحياناً».
وكان أحد مسؤولي المكتب الرئاسي قد أعلن الشهر الماضي أن الميزانية ستتم على أساس سعر مفترض يبلغ ما بين 50 و60 دولاراً للبرميل.
(أ ب)