«لن نعيد التجربة الأفغانيّة أو العراقيّة لكنّ ذلك لا يعني أنّنا لن نواجه تحدّيات مماثلةstrong>يدعو وزير الدفاع روبرت غيتس، الذي أعاد باراك أوباما تعيينه في منصبه، إلى تطوير القوة العسكرية الأميركية التقليدية، فضلاً عن التركيز على النزاعات و«الأعداء» غير التقليديين في الوقت الحالي وفي المستقبلكتب وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، مقالاً في مجلة «فورين أفيرز» نشر أمس، عرض في خلاله الاستراتيجية الدفاعية القومية الجديدة، التي رأى أنها يجب أن تقوم على مبدأ أساسي هو التوازن في ثلاث نواحٍ: بين تسوية النزاعات الحالية والاستعداد للطوارئ. وبين مأسسة القدارت، كمكافحة الإرهاب والمساعدة العسكرية، والحفاظ على الحافة التقنية الاستراتيجية التقليدية للولايات المتحدة ضد القوات العسكرية الأخرى. وبين استعادة القيم الثقافية التي جعلت من القوات العسكرية الأميركية ناجحة، وإبعاد تلك التي أعاقت قدراتها على فعل ما يجب القيام به.
ويقول غيتس إنه ينبغي أن تعتمد واشنطن «تفكيراً غير تقليدي» في النظر إلى النزاعات. ويضيف إن قدرة الولايات المتحدة على التعامل مع التهديدات المستقبلية تتوقف على تصرفها في النزاعات الحالية، مشيراً إلى أن «الفشل سواء في العراق أو أفغانستان سيكون ضربة كارثية للصدقية الأميركية، بين الحلفاء والأصدقاء والأعداء».
ويؤكد غيتس أنه «سوف يتقلص عدد الوحدات القتالية في العراق مع الوقت، وهو أمر مفترض بغض النظر عن هوية الرئيس المنتخب. ولكن ستبقى جهود مكافحة الإرهاب والاستشارة لسنوات مقبلة». وفي أفغانستان، يرجح أن تزيد القوات. ويرى أنها تمثل تحدياً أكثر تعقيداً وأطول مدى من العراق، نظراً لعوامل الأرض والفقر والجوار والتاريخ المأساوي. وهو ما يتطلب التزامات أميركية عسكرية واقتصادية لبعض الوقت.
ويشير غيتس إلى أنه «يتعين ألّا يكون الشغل الشاغل الإعداد للنزاعات الاستراتيجية والتقليدية في المستقبل، وتجاهل تأمين الإمكانات اللازمة للمحاربة وإحراز النصر في حروب اليوم». ويعرب عن قلقه من عدم وجود دعم «مؤسساتي مناسب» من أجل تأمين الإمكانات اللازمة للظفر في الحروب الحالية وبعض الحروب المقبلة المشابهة.
ويلفت غيتس إلى أن «الولايات المتحدة، على الأرجح، لن تعيد التجربة الأفغانية أو العراقية، المتمثلة في تغيير النظام عن طريق القوة ثم بناء الدولة وسط الحرب. ولكن ذلك لا يعني أنها لن تواجه تحديات مماثلة». ويقول إن الاستراتيجية الأميركية ستعتمد على اتجاهات غير مباشرة من خلال بناء قدرات الحكومات الشريكة وقواتها الأمنية.
ويتحدث وزير الدفاع عن الحرب على الإرهاب، التي يصفها بأنها حملة غير نظامية طويلة المدى في جميع أنحاء العالم. ويشير إلى أن «القوة العسكرية المباشرة سوف تواصل أداء دورها لمحاربة الإرهابيين»، ولكنه على المدى الطويل يدعو إلى «إخضاع العمليات العسكرية الميدانية لتدابير ترمي إلى تعزيز برامج الحكومات المحلية وتشجيع التنمية والتعامل مع البيئة الحاضنة للإرهابيين».
ويتابع غيتس أن «الشبكات الإرهابية يمكن أن تجد ملاذات آمنة على حدود الدول الفاشلة». ويرى أن التهديدات الكارثية على داخل الولايات المتحدة، كهجوم إرهابي، خطرها يأتي من الدول الفاشلة أكثر من الدولة العدوة.
ويرى غيتس أنه «من أجل تحقيق نصر، كما عرفه المفكر السياسي كلاوزوفيتس، الولايات المتحدة بحاجة إلى جيش قادر على دفع الباب والدخول، وفي الوقت نفسه قادر على تنظيف الفوضى وإعادة بناء المنزل بعدها».
وليست التهديدات غير التقليدية وحدها مصدر الخطر على الولايات المتحدة، فغيتس يقول إنه «ينبغي وضع التهديدات التقليدية في الاعتبار أيضاً». ويقر بأن القوات العسكرية الأميركية صقلت وأسست لمهارات جديدة وغير تقليدية، لكن عليها أن تجاري منافسة التحديات التي تفرضها القوة العسكرية للدول الأخرى، فمنظر الدبابات العسكرية الروسية في جورجيا في آب الماضي كان بمثابة ناقوس خطر بأن الدول وقوتها العسكرية لا تزالان مسألة أساسية. فالصين وروسيا حسّنتا من قدرتهما العسكرية في الآونة الأخيرة، فضلاً عن الأذى الذي تمثّله «الدول المارقة» والمجموعات الإرهابية والأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية، وتهديد كوريا الشمالية التي بنت عدة قنابل، وإيران التي تسعى إلى دخول النادي النووي.
ويضيف غيتس إن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تعتمد على تفوقها الحالي بل عليها أن تستثمر في البرامج والمناهج والقوات من أجل تأمين استمرارية تفوقها. ويقول إنه رغم أن القوة البحرية لأميركا تقلصت بعد الحرب الباردة، فإن سلاحها البحري يبقى أكبر من 13 قوة بحرية مجتمعة، 11 منها حلفاء لها.
وقبل إطلاق حرب باردة جديدة مع روسيا، يقول غيتس إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تتذكر الأسباب التي تدعو موسكو إلى التصرف بهذه الطريقة، وهي الرغبة في الانتقام من الإهانة القديمة والسيطرة على «حدودها القريبة»، لا حملة إيديولوجية من أجل السيطرة على العالم. ويؤكد أن القوة العسكرية التقليدية الروسية رغم تحسنها منذ 1990 تبقى ظلاً للاتحاد السوفياتي السابق.
وبالنسبة إلى حجم التهديد، يشير غيتس إلى أهمية التفريق بين أنواع التهديدات ذات «النهاية الطويلة» و«النهاية القصيرة»، والتقليدية وغير المنظمة، وبين تهديدات الآليات العسكرية من جهة، والعصابات التي تحمل «أي كي 47» من جهة ثانية. فضلاً عن التهديدات الجديدة التي يمثّلها «الانتحاريون» الذين يمكن أن يدخلوا المدن بوسائل مختلفة ويشنّوا هجماتهم.
(الأخبار)