احتفلت فرنسا، أمس، بذكرى مرور ٦٠ عاماً على ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي كانت مناسبة للرئيس نيكولا ساركوزي كي يعيد تشكيل لوحة سياسته الخارجية ويضبط ألوانها استعداداً لعودة الولايات المتحدة إلى «ساحة الدبلوماسية العالمية»
باريس ـ بسّام الطيارة
حرص الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، في خطابه في الإليزيه أمام شخصيات عالمية، على «تثبيت رؤية فرنسا لحقوق الإنسان» والتشديد على أنها «عالمية» لا تأخذ بالاعتبار أي فوارق ثقافية أو اجتماعية أو دينية.
ورأى دبلوماسي في تناول ساركوزي لمجموعة من ملفات الشرق الأوسط «الحامية» عودة إلى «صدامية بداية عهده»، حين كان «يرفع سبّابته مخاطباً من يوجه لهم الكلام من زعماء دول بعيدة أو قريبة». ولفت إلى رمزية الخطاب لكونه جاء أمام «مجموعة القدماء»، التي أسسها رئيس جنوب أفريقيا، نيلسون مانديلا، قبل عامين وتضم شخصيات ذات شهرة عالمية وتهتم بـ«القضايا الكبرى»، منها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، ورئيسة إيرلندا السابقة ماري روبنسون، ورئيس وزراء النروج السابق غرو برونتلاند، والرئيس البرازيلي السابق فرناندو هنريكه كاردوسو وبعض أغنياء العالم.
وانطلق ساركوزي من ملف زيمبابوي، فطالب الرئيس روبرت موغابي بالرحيل عن السلطة ووصفه بأنه «ديكتاتور جعل من شعبه رهينة لفترة طويلة». ثم انتقل إلى ملف السودان وتوجّه بحزم إلى الرئيس عمر البشير، معتبراً أن عليه تغيير سياسته «خلال أيام لا أسابيع». وهدّده بالقول «إما أن يغيّر موقفه أو لا، وحينها سيواجه مسؤولياته أمام المحكمة الجنائية الدولية».
وقد شدد الناطق الرسمي باسم الخارجية، إيريك شوفاليه، رداً على سؤال لـ«الأخبار»، على أن الخطوات المنتظرة من الرئيس السوداني، التي أوضحها له ساركوزي خلال لقائهما الأخير في الدوحة، تتمثل في «تغيير جذري لسياسته أي وقف فوري لإطلاق النار في دارفور والتعاون مع تشاد ورفع العراقيل أمام نشر القوات الدولية والالتزام بقرارات محكمة الجنايات الدولية». وشدد على أن «إمكان تعليق الإجراءات ضد البشير ليس مدار بحث اليوم».
وفي الموضوع الإيراني، توجّه ساركوزي إلى المجتمع المدني الإيراني ووصفه بأنه «صاحب تاريخ عريق وثقافة». وحثه على التحرك وعدم القبول بقادة مثل القادة الذين يحكمونه الآن. وشدّد على أنه «لن يصافح محمود أحمدي نجاد»، مشيراً إلى أن الأزمة النووية الإيرانية هي «الأخطر في عصرنا هذا».
وكانت باريس قد طرحت في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قبل يومين عدداً من التدابير باسم الاتحاد الأوروبي، شملت «البدء بلا تأخير وبلا شروط مسبقة بإجراء مفاوضات بشأن معاهدة تحظر إنتاج المواد الانشطارية النووية». كما طالبت ببدء مشاورات بشأن «معاهدة تحظر صواريخ أرض ـــــ أرض القصيرة والمتوسطة المدى»، في إشارة رآها أكثر من مراقب إلى أنها موجهة إلى البرنامج الصاروخي المتقدم لإيران الذي يمكن أن يشكل سبباً آخر للنزاع بينها وبين الغرب.
تحليق ساركوزي فوق ما اعتبره «ملفات أساسية» في مجال حقوق الإنسان تجاوز الملف الفلسطيني رغم الحصار الذي تعيشه غزة وتزايد الشجب له لدى الرأي العام الفرنسي، ولا سيما أن الخطاب جاء متزامناً مع ترفيع الاتحاد الأوروبي لعلاقاته مع إسرائيل.