في غمرة انهماك العالم بقضايا كبرى مثل الأزمة المالية ومخاطر الاضطرابات الداخلية، انحسر الاهتمام الدولي بالملف النووي الإيراني إلى أدنى مستوى له منذ أعوام
نيويورك ـ نزار عبود
انحصرت نقاشات مجلس الأمن الدولي بشأن تطبيق قراره 1737(2006) القاضي بفرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، في مدة ثلاثة أرباع الساعة فقط، وذلك خلال جلسة مفتوحة عقدت أول من أمس في نيويورك، على مستوى نوّاب المندوبين الدائمين لدى المنظمة الدولية.
ولم يصدر أي بيان أو قرار جديد بعد هذه الجلسة، رغم أن نائب مندوب الولايات المتحدة، أليخاندرو وولف، حذّر من أن إيران «باتت تمتلك نصف المواد المخصّبة اللازمة لإنتاج قنبلة نووية».
وسُجّلت مواقف منتقدة من موسكو وبكين للتحريف الغربي لنصوص القرارات الدولية و«تأويلها حسب رغبات خاصة»، حسب موقف روسيا التي دعت إلى العودة لـ«روح القرارات ونصوصها الحرفية».
واستمع المجلس إلى التقرير الثامن للجنة العقوبات، عرضه رئيسها مندوب بلجيكا، يان غرولز. وقال التقرير إن 90 دولة قدّمت تقارير إلى اللجنة عن مستوى الامتثال للقرار 1737، و77 دولة للقرار 1747 (2007)، و63 دولة بشأن القرار 1803 (2008).
الجدير ذكره، أن القرار 1737، الذي صدر في 25 كانون الأول 2006، منع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من المتاجرة مع إيران في «المواد والمعدات والسلع والتقنيات التي يمكن أن تساعدها في وضع نُظم التخصيب والمعالجة وإنتاج الماء الثقيل، أو بناء أنظمة نقل أسلحة نووية». ثم عاد المجلس في آذار 2007 وأتبعه بالقرار 1747، مشدداً العقوبات بمنع إيران من «بيع الأسلحة أو نقلها من دولة إلى أخرى»، ووسّع تجميد بعض الأرصدة ذات الصلة بمؤسسات وشخصيات إيرانية.
أما القرار 1803 الذي صدر الصيف الماضي، فقد دعا الدول إلى «توخي اليقظة في مجالات تأمين الدعم المالي للتجارة مع إيران أو التعامل المصرفي معها، ولا سيما بالنسبة إلى مصرفي «مللي» و«صادرات»». كما سمح بتفتيش البواخر والطائرات المشتبه في نقلها مواد ممنوعة، في حالات محددة.
وقال مندوب بلجيكا إن الولايات المتحدة قدّمت تقريراً عن الجهود التي تبذلها بموجب القرارات. وشاطرها بعض الأعضاء الآخرين بتلخيص إجراءاتهم واستمرار تبنّيهم لخطة المسارين، أي العقوبات والحوافز في آن معاً. كذلك أطلعت النروج المجلس على خططها بشأن تعزيز فاعلية المراقبة على سلامة الاستخدام المدني لمفاعل بوشهر المنوي تشغيله في وقت قريب من جانب روسيا.
وأضاف غرولز أن الاتحاد الروسي أطلعه في 7 و21 تشرين الثاني الماضي على الشحنات التي أوصلها إلى المحطة النووية في بوشهر التي تعمل بالماء الخفيف. وأشار إلى أن بعض الأعضاء طلبوا من لجنة العقوبات بياناً مكتوباً بخصوص معلومات محددة من الدول، ولقد لبّت اللجنة طلبهم.
وعقب سماع التقرير، تحدث مندوبو الدول الغربية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا)، مشيرين إلى أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية اتهم إيران بـ«عدم الانصياع للقرارات الدولية» وبعدم وقف نشاط التخصيب ومصنع الماء الثقيل في آراك.
وأشارت واشنطن في الجلسة إلى «الحقيقة المرعبة»، التي وردت في تقرير وكالة الطاقة حول انتهاء إيران من تخصيب «ضعيف النوعية» لـ 630 كيلوغراماً من اليورانيوم، وهي كمية «تكفي لتسليح نصف قنبلة نووية».
أما روسيا فقد أعربت خلال الجلسة عن الأمل في أن تواصل اللجنة العمل بروح ونصّ القرارات الدولية، ولا سيما القرار 1835 (الصادر في أيلول 2008)، الذي شدد على ضرورة الالتزام «بحرفية القرارات السابقة كما اتفقت الدول الخمس وألمانيا حول ضرورة دعم جهود الوكالة الذرية».
كذلك تميّز موقف الصين بالدعوة إلى التحلّي بالروح الإيجابية بغية التوصل إلى حلول سلمية عبر الوسائل الدبلوماسية كسبيل أفضل. وأضافت أن الدول الست تتابع الحوار الذي يجريه الاتحاد الأوروبي مع إيران بهدف استئناف التفاوض. كما أن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية تواصل التعاون مع إيران بشأن القضايا الأخرى العالقة في برنامجها النووي». وطالبت بكين برفع مستوى الجهود الدبلوماسية وبدعم فكرة استئناف الحوار مع إيران. كذلك دعت طهران إلى «حلّ المسائل العالقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
من جهتها، شددت ليبيا على ضرورة أن يكون منع انتشار الأسلحة النووية شاملاً «غير انتقائي». ودعت إلى إخضاع كل الدول لرقابة الوكالة الذرية «بما في ذلك إسرائيل التي لم تنضمّ إلى معاهدة حظر الانتشار». كما حثت على تطبيق فكرة جعل الشرق الأوسط خالياً من الأسلحة النووية.