قدّم الاتحاد الأوروبي، في ختام قمته، أمس، «أمثولة» من أجل التصدي لمشكلة المناخ، كما تبنّى «انتفاضة» دفاعيّة، رافضاً أن يكون «قزماً عسكرياً»اتفق الزعماء الأوروبيون، في ختام اجتماعهم المنعقد في بروكسل، أمس، على خطة مناخ لتخفيف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وتشجيع الطاقة المتجددة، وخطة إنقاذ اقتصادي بقيمة 200 مليار يورو، وخطة دفاعية تكفل ألا تكون أوروبا «قزماً عسكرياً»، بل تمتلك حرية التحرك مع حلف شمالي الأطلسي.
وتشرح خطة المناخ كيفية خفض دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 انبعاثات الكربون بنسبة 20 في المئة مع حلول عام 2020، إذ ركزت على كيفية إحداث التوازن بين النمو الاقتصادي وتحقيق الوعود التي قُطعت العام الماضي حول الأهداف 20-20-20 والتي تعني: خفض الانبعاثات بنسبة 20 في المئة والحصول على 20 في المئة من الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة كالشمس والرياح بحلول عام 2020.
ووصف الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للقمة، الاتفاق بأنه «تاريخي». ودعا الشركاء الدوليين إلى أن يحذوا حذو الأوروبيين خلال محادثات الأمم المتحدة حول المناخ التي اختتمت أعمالها أمس أيضاً في بوزنان ـــ بولندا. وأشار إلى أن دول الاتحاد «أدت دورها»، والآن «حان وقت» الآخرين، ومن ضمنهم الولايات المتحدة والصين، كي تتابع المسألة. وقال «العالم لن يلحق بالأوروبيين ما لم نصنع نحن المثال».
من جهته، اعتبر رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو، الخطة بأنها «أكثر الاقتراحات الطموحة في أي مكان في العالم»، مضيفاً أن «أوروبا قد نجحت في اختبار صدقيّتها». فيما قال رئيس الوزراء الدانماركي، أنديرز فوغ راسموسن، إن «الرسالة السياسية التي نرسلها إلى باقي دول العالم هي أن أوروبا تتولى القيادة».
كما اتفق الزعماء الأوروبيون على حزمة من الحوافز الاقتصادية بقيمة 200 مليار يورو (258 مليار دولار) من أجل تقليص تأثيرات الركود الاقتصادي. وقال ساركوزي «نحن في بداية تغيير طريقة العمل الأوروبية، يجب أن نتكلم قليلاً ونفعل كثيراً». وأضاف «الجميع متفق على الحاجة لخطة معالجة»، مشيراً إلى أنّ «الأوضاع الاستثنائية تحتاج إلى معايير استثنائية».
وبعدما سخر وزير المال الألماني، بير ستاينبروك، من فكرة «قذف المليارات» من أجل التصدي للأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى أن خطة الإنقاذ قد تثير خلافات حادة، رأى رئيس الحكومة البريطانية غوردن براون أن الاتفاق كان بمثابة ردّ على أولئك «الذين يقولون إنه يجدر بنا ألا نفعل شيئاً».
وبموجب خطة الإنقاذ، ستنفق الدول الأوروبية ما يوازي 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في اقتصاداتها من أجل التصدي لتأثيرات الركود العالمي.
وفي الملف الدفاعي، أكد الرئيس الفرنسي أنه «لا يمكن لأوروبا أن تكون قزماً على الصعيد العسكري وعملاقاً في الموضوع الاقتصادي، هذا غير ممكن». وتحدث عن «التعاون مع حلف شمالي الأطلسي مع احتفاظ أوروبا بحرية تحركها»، مضيفاً أن «على أوروبا أن تملك سياسة دفاع ذاتية ولكن مع حلفائها». ولحظ أن «عدم وجود طرف ينظر إلى السياسة الأوروبية الدفاعية كسياسة عدوانية حيال الولايات المتحدة هو بمثابة نجاح». ورأى أن الأوروبيين «يفهمون أنهم غير ملزمين الاختيار بين صداقة الولايات المتحدة والسياسة الدفاعية المستقلة لأوروبا»، مؤكداً «علينا القيام بالأمرين».
وأعرب القادة الأوروبيون عن «نيتهم إعطاء دفع جديد للسياسة الدفاعية عبر تعزيز وسائلها الوقائية»، وهو ما شكل إحدى أولويات الرئاسة الفرنسية للاتحاد. وأضافوا أن «الاتحاد سيقوم بذلك في صورة متكاملة مع حلف شمالي الأطلسي»، ولكن «مع احترام سيادة قراراته».
كما تبنت دول الاتحاد اتفاقاً لتعبيد الطريق أمام إيرلندا كي تجري استفتاء آخر حول مجموعة من الإصلاحات الرئيسية لتبنّي معاهدة لشبونة. وأعلن رئيس الوزراء الإيرلندي، براين كوين، أنه يستعدّ لإجراء استفتاء جديد إذا قدّمت الضمانات التي وُعد بها.
وقال «سأكون مستعداً للعودة إلى الشعب مع حزمة جديدة وطلب الموافقة عليها»، مضيفاً «اليوم لدينا الدليل الواضح أن الاتحاد الأوروبي مستعدّ للتجاوب مع هواجس الشعب الإيرلندي التي طرحها في الاستفتاء السابق الذي جرى في حزيران الماضي.
(أ ب، أ ف ب)