strong>غيتس وأوديرنو ينسفان مواعيد الانسحاب... والمالكي يكذّب المتحدّث باسمهأصبح بإمكان الرئيس الأميركي جورج بوش أن ينام مطمئنّاً: فقد ودّع العراق الذي احتلّه، ووقّع مع حليفه رئيس الحكومة نوري المالكي اتفاقيّة تشريع الاحتلال «سوفا»، فيما تسابق المسؤولون الأميركيون في الإجهاز على مواعيد الانسحاب، بينما القادة العراقيون يكذّب بعضهم بعضاً في سيناريو بات مكرراً

بغداد ــ الأخبار
أراد الرئيس جورج بوش إنهاء ولايته بزيارة بغداد للاحتفاء بـ«إنجازه» الأكبر: توقيع رمزي لاتفاقية «سوفا»، التي تشرّع احتلال العراق، وهكذا كان. لكن في الوقت نفسه، آخر ما أراده الرجل كان أن ينهي حكمه بعمل أمني يمسّه في عاصمة الرشيد، حيث تولّى فريق عمله تطبيق مناورة إعلامية فريدة من نوعها، تعكس مدى الهشاشة الأمنية وضعف ثقة واشنطن بالوضع الأمني السائد في بغداد، وبالقيادة العراقية هناك.
وقد شهد المكتب الخاص بالمالكي في المنطقة الخضراء، أمس، احتفالاً رمزياً لبّى حلم بوش بوضع توقيعه على نصّ «الاتفاقيّة»، التي أوضح جنرالات حربه أن مواعيد الانسحاب التي نصّت عليها ليست إلا حبراً على ورق.
وزيارة بوش الرابعة كانت مميّزة بكل المعايير، أبرزها في الشق الأمني، وتذكّر بالزيارة الأولى التي قام بها إلى بلاد الرافدين في تشرين الثاني من عام 2003 عندما أتى لتهنئة جنوده بعيد الشكر. تفاصيل زيارة يوم أمس أشبه بقصّة بوليسية أحداثها حقيقية، وانفردت وكالة «أسوشييتد برس» بالكشف عن بعض تفاصيلها المشوّقة: جرى الاتصال ليلاً، وفجأة، بـ13 إعلامياً حضروا على عجل إلى قاعدة «أندروز» العسكرية. هناك لم يطّلعوا على الخطّة. أقسموا بأنهم لن يفشوا هدف حضورهم. تمّت «مصادرة» حقائبهم، ولم يسمح لهم إلا بالاحتفاظ بورقة وقلم. ثمّ أدخلوا إلى طائرة، وبعدما أقلعت، دخل عليهم رجل يرتدي ملابس سوداء للاعب بيسبول، عليها رقم 43، (ترمز إلى أن بوش هو الرئيس الـ43 للولايات المتحدة). هذا الرجل لم يكن سوى بوش، الذي مازحهم بالقول: «أعرف أنه لم يعرفني أحد منكم... فأنا أبدو رئيساً مختلفاً».
بعدها، وزّع البيت الأبيض بياناً «مزوّراً» يفيد بجدول أعمال مغلوط لزيارة الرئيس. بيان كاذب بكل ما ورد فيه: المواعيد، النشاطات، ساعة الوصول، ساعة المغادرة...
وحده مستشار بوش للأمن القومي، ستيفن هادلي، صرّح للإعلام. قال إن هدف الزيارة واضح: بناء علاقة مختلفة بين واشنطن وبغداد، يؤدي فيها الأميركيون دوراً يزداد طابعه «الثانوي»، وتعبّر عنه الاتفاقية الأميركية ـــــ العراقية «سوفا».
والقلق الأمني على الرئيس الأميركي وصل إلى درجة عدم الوثوق بنقله براً من مطار بغداد إلى مقر إقامة الرئيس العراقي جلال الطالباني في الجادرية، بحيث نقل بمروحية عسكرية تواكبها المقاتلات الأميركية في رحلة دامت 5 دقائق فقط.
وبعد لقائه بالطالباني، وصف بوش «سوفا» بأنها «تذكير بصداقتنا، وتمهّد للمضي قدماً من أجل مساعدة العراقيين ليلمسوا نعمة المجتمعات الحرة».
وكان غيتس قد وصل أول من أمس إلى بغداد، حيث تبادل مع قائد قوات الاحتلال الجنرال ريمون أوديرنو مهمة تبشير العراقيين بأن مواعيد الانسحاب من العراق، بحسب ما نصّت عليه «سوفا»، لن تحترم، بما أنها من «تفاصيل» التطبيق.
وبعد لقائه مع غيتس، كشف أوديرنو أن بعض القوات الأميركية «قد يبقى في مدن عراقية بعد حزيران المقبل، بالرغم من أن الاتفاقية الأمنية تدعو إلى الانسحاب من المدن بحلول هذا التاريخ».
وجاءت التصريحات الأميركية التي تؤكّد عدم احترام هذه المواعيد متناغمة مع ما كان المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ قد قاله قبل يومين في واشنطن، عندما جزم بأن بلاده تحتاج إلى بقاء القوات المحتلة لعشر سنوات مقبلة. تصريح دفع بمكتب المالكي إلى إصدار بيان توضيحي وضع فيه كلام الدباغ في خانة «الرأي الشخصي الذي لا يمثل رأي الحكومة العراقية».

وقالت الصحيفة إن القوات البريطانية في العراق تواجه نهاية «مذلة» لمهمتها، جرّاء قيام المالكي، «المستاء مما يشعر بأنه فشل بريطانيا في التعامل مع جيش المهدي»، بتجميد التوقيع على اتفاق بشأن الوجود العسكري البريطاني في بلاده على غرار الاتفاقية الأمنية التي أبرمتها حكومته بشأن مستقبل القوات الأميركية في العراق. يُذكَر أن لندن كشفت أن عمل قواتها في بلاد الرافدين سينتهي في غضون حزيران المقبل.
(يو بي آي)