نجحت إدارة جورج بوش، أمس، في تكريس مؤتمر أنابوليس بقرار دولي، للبناء عليه في أي جهود تبذل في المرحلة المقبلة من الإدارة الأميركية المنتخبة، فيما برزت شراكة أميركية ــ روسيّة في هذا المجال، وتنصّل أوروبي من المساعدات
نيويورك ــ نزار عبود
أقرّ مجلس الأمن الدولي، أمس، مشروع قرار أميركياً ـــــ روسياً مشتركاً بشأن عملية التسويّة في الشرق الأوسط يطالب فيها بالتزام مسيرة أنابوليس، وبدعم «المفاوضات الثنائية التي لا يمكن الرجوع عنها». وساند القرار «قبول الأطراف لمسار مبادئ المفاوضات الثنائية من أجل تحقيق معاهدة سلام تحلّ القضايا العالقة، بما في ذلك القضايا الجوهرية من دون استثناء» و«الالتزام بخريطة الطريق والامتناع عن اتخاذ خطوات من شأنها زعزعة الثقة أو التأثير على نتائج المفاوضات».
وحث القرار الدول على الإسهام في تعزيز المفاوضات «ودعم الحكومة الفلسطينية الملتزمة بمبادئ الرباعية ومبادرة السلام العربية التي تحترم التزامات منظمة التحرير الفلسطينية». ودعا إلى الدعم الاقتصادي من أجل بناء المؤسسات الفلسطينية، وتكثيف الجهود الدبلوماسية لتحقيق تقدم على المسار الثنائي نحو الاعتراف المتبادل والتعايش السلمي بين كل دول المنطقة في سياق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط».
والقرار أشار في تعديلاته الاخيرة إلى مرجعيات مجلس الأمن الدولي (القرارات 242 و338 و1515 ومبادئ مؤتمر مدريد). لكن الأميركيين رفضوا اقتراحات ليبية تطالب بالإشارة إلى وقف الاستيطان وممارسات المستوطنين.
وكانت اللجنة الرباعية قد أصدرت، بعد اجتماع عقدته في نيويورك مساء الاثنين، بياناً أكد عدم جواز العودة عن أنابوليس. وألقت اللوم على الفلسطينيين في تأخير عملية التسوية بقصفهم «الصاروخي العشوائي».
إلا أن وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، خرج بعد اجتماع وزاري عقد إثر اجتماع الرباعية، ليقول: «لم نحقق شيئاً على الإطلاق». وأضاف أن مبادرة السلام العربية لا تزال مطروحة على الطاولة رغم كل الإخفاقات التي جرت.
مصادر دبلوماسية أطلعت «الأخبار» على ما دار في الاجتماع المغلق، الذي ضم وزراء خارجية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا ووزراء خارجية دول الخليج ومصر والأردن، فضلاً عن مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وأشارت المصادر إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، نفت خلال الاجتماع عدم إحراز أي تقدم خلال العام الماضي. وأشارت إلى أن الكثير تحقق بعد أنابوليس. وأضافت أن جورج بوش الذي جاء إلى الحكم في عام 2000 لم يعد نفسه جورج بوش في عام 2008 لأنه أرسى الأسس لإقامة دولة فلسطينية، و«هذه الدولة آتية».
وقالت رايس إن الإدارة المقبلة لن تعدّ ملفاً جديداً للقضية الفلسطينية، لأن الملف الذي أعدته مع مساعدها ديفيد ولش سينقل بالكامل إلى إدارة الرئيس باراك أوباما وستتولى وزيرة الخارجية المقبلة، هيلاري كلينتون، متابعة الدبلوماسية من حيث بلغت المفاوضات. وتابعت أن «الانتخابات الإسرائيلية لن تترك مجالاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل ليتنصل من الالتزامات المكفولة من المجتمع الدولي ومجلس الأمن».
غير أن الأوروبيين أعربوا، على لسان كل من المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ومفوضة الاتحاد للشؤون الخارجية بينيتا فيرريو فالدنر، عن القلق من الانقسام الفلسطيني الحاصل. وأبدوا شكوكاً في قدرة السلطة الفلسطينية على قيادة الشارع الفلسطيني بعد التاسع من كانون الثاني المقبل، موعد انتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني، محمود عباس. لكن الوزراء الخليجيين ومصر والأردن تعهدوا أنهم بعد ذلك التاريخ سيدعمون أبو مازن دون غيره في حال عدم التوصل إلى إجماع فلسطيني.
ونبّه الأوروبيون أيضاً إلى أن الدعم المالي للفلسطينيين، الذي بلغ 800 مليون دولار من أصل 1.5 مليار دولار، لا يمكن أن يستمر ما دامت الأزمة المالية باقية وتكبل قدرات تلك الدول على المساعدة. وناشدوا الدول الخليجية سد العجز. لكن العرب لم يتطوعوا لتلك المهمة.
غير أن ما لفت الانتباه في الاجتماعات هو الموقف الروسي الهادئ على غير العادة. فقد برز وزير الخارجية سيرغي لافروف شريكاً فعلياً للأميركيين في هذه المرحلة. وقرار مجلس الأمن الدولي، الذي صدر ضمن اتفاق روسي أميركي، جعل الكثير من المراقبين يثيرون علامات استفهام حول هذا التعاون المفاجئ.