شهدت غينيا، أمس، انقلاباً عسكرياً، أطاح الحكومة والبرلمان والمؤسسات الدستورية. وذلك بُعيد ساعات من إعلان نبأ وفاة رئيس البلاد، لانسانا كونتي، عن عمر يناهز الرابعة والسبعين، بعد حكمٍ دام زهاء ربع قرنقامت مجموعة، تطلق على نفسها اسم «المجلس الوطني من أجل الديموقراطية والتنمية»، بقيادة رئيس وحدة إمدادات الوقود في الجيش، الجنرال داديس كامارا، بانقلابٍ عسكري في غينيا، أمس، معلنة حل الحكومة والمؤسسات الجمهورية وتعليق الدستور.
وقال كامارا، عبر إذاعة كوناكري، «اعتباراً من اليوم يعلق الدستور وكل نشاط سياسي ونقابي». وأضاف إن «الحكومة والمؤسسات الجمهورية حُلّت»، متهماً إياها «بالعجز عن المشاركة في حل الأزمات التي تمر بها البلاد». وأشار إلى «الشعور العميق باليأس لدى السكان». وشدد على ضرورة إجراء «إصلاح اقتصادي ومكافحة الفساد»، وتعهد التمسك بمواثيق «الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والأمم المتحدة». كما أوضح أنه سيجري إنشاء «مجلس استشاري يضم مدنيين وعسكريين»، وطلب من أعضاء الحكومة وكل الضباط التوجه إلى ثكنة «الفا يايا ديالو» العسكرية لضمان سلامتهم.
وكانت المعلومات قد تضاربت بشأن حل الحكومة، بعدما أعلن رئيس الوزراء الغيني، احمد تيديان سوارا، أنه لم تُحلّ الحكومة، وأنه لا يزال يمارس مهمّاته من داخل مكتبه. وقال لإذاعة «فرانس انترناسيونال» إن «الحكومة تعمل على ترتيب جنازة الرئيس». كما حث مدبري الانقلاب على التراجع، قائلاً «أنا لا أعرف هؤلاء الناس. ونحن نحاول تسوية هذه المسألة ذات الأهمية الوطنية». وأكد أن الانقلابيين لم يستخدموا القوة، وأنه «لم يحدث أي تهديد ضد أي شخص».
إلّا أن مراسل وكالة «أسوشييتد برس»، أفاد عن مشاهدته ثلاث دبابات وعشرات من الجنود المسلحين، يتجهون نحو مكتب رئيس الوزراء، بعد أقل من ساعة على نفي سوارا حل الحكومة.
من جهته، طلب رئيس الجمعية الوطنية في غينيا، أبو بكر سومباري، من المحكمة العليا، تعيينه رئيساً للبلاد، عملاً بالمادة «34» من الدستور، التي تنص على «تولي رئيس الجمعية الوطنية الرئاسة في حالة وفاة رئيس الدولة، وتنظيم الانتخابات الرئاسية خلال 60 يوماً». وقال، لقناة «فرانس 24» «هناك محاولة انقلاب جارية في البلاد، لكني لا أعتقد أن المحاولة تلقى تأييد كل القوات المسلحة». وأشار إلى أن معظم الجنود لا يزالون موالين للدستور والشرعية، وحثّهم على معارضة المحاولة الانقلابية.
واستتبع الانقلاب ردود فعل دولية مندّدة، بدءاً بالاتحاد الأوروبي، الذي دعا إلى احترام الدستور في غينيا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبى، إريك شوفالييه، «نحن ندعو جميع السياسيين وجميع المؤسسات المدنية والعسكرية إلى احترام القواعد الدستورية من أجل ضمان الانتقال السلمي للسلطة، بهدف التوصل بسرعة إلى إجراء انتخابات حرة وشفافة».
أما الاتحاد الافريقي، فأعلن أنه سيعقد اجتماعاً طارئاً لمجلس السلام والأمن لبحث الوضع في غينيا. ورأى مفوض السلام والأمن في الاتحاد، رمضان العمامرة، أنه إذا تأكّد حصول الانقلاب العسكري، فهو «يمثل انتهاكاً صارخاً للدستور والشرعية الأفريقية التي تحظر تماماً التغييرات غير الدستورية للحكومة».
كما دفع الانقلاب برئيس سيراليون المجاورة، لعقد اجتماع طارئ للقادة السياسيين والعسكريين، لبحث الأوضاع في غيينا في ظل القلق من عدم حصول انتقال سلمي للسلطة.
وكان زعماء حكوميون، قد أعلنوا صباح أمس وفاة كونتي، الذي حكم غيينا منذ عام 1984 عندما استولى على السلطة بعد وفاة، أول رئيس للبلاد، سيكو توري، وذلك بعد صراع طويل مع المرض.
(أ ف ب، أ ب، رويترز)