سوريا لا تنوي التصعيد ويهمّها وضع حدودها اللبنانيّة أكثر من العراقيّة!تكرّس الانقسام الأميركي بشأن طبيعة التعاطي مع حكام دمشق: رأي مصرّ على فتح خطوط الحوار معها، وهو ما يجسّده الجنرال ديفيد بيترايوس، وآخر يعبّر عنه قائد الأمن الداخلي الأميركي مايكل شيرتوف، المتمسك بـ«حق الدفاع عن النفس بالضربات الوقائية» بينما سوريا مشغولة بحدودها اللبنانية أكثر من العراقية
الانقسام داخل الإدارة الأميركية بشأن طبيعة التعاطي مع سوريا لم يعد عبارة عن تحليلات، مع كشف شبكة «أي بي سي» الإخبارية الأميركية، أمس، عن أنّ قائد القيادة الوسطى في القوات الأميركية الجنرال ديفيد بيترايوس، اقترح منذ فترة زيارة سوريا، غير أن المسؤولين في إدارة جورج بوش ووزارتي الدفاع والخارجية رفضوا الفكرة على الفور.
وفي الوقت الذي قدّم فيه قائد قوات الأمن الداخلي الأميركي مايكل شيرتوف تبريراً «قانونياً» انطلاقاً من نظرية «الدفاع عن النفس عبر الضربات الوقائية» لاعتداء قوات بلاده على سوريا، فقد ربطت مصادر سورية لـ«الأخبار» زيادة عدد الجنود السوريين على الحدود مع لبنان، بخفضها عن الجهة العراقية، على قاعدة أن «ضبط الحدود مع لبنان أولوية أمنية أهم من ضبطها مع العراق في ظل عدم اعتراف عراقي واعتداء أميركي».
وأوضحت الشبكة الأميركية أن بيترايوس، الذي تسلم مهمّاته الجديدة في قيادة المنطقة الوسطى في القوات الأميركية أمس، كان قد أعرب فور تعيينه في منصبه وقبل الاعتداء الأميركي بأشهر، عن أمله في لقاء الرئيس بشار الأسد في دمشق، «ولكن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى رفضوا ذلك».
وأكدت الشبكة أن بيترايوس «يرغب في محاورة سوريا لأنه يعتقد أن بالإمكان استخدام الدبلوماسية لإحداث شرخ بين طهران ودمشق». وفي السياق، قال مسؤولون في وزارة الدفاع (البنتاغون) «عندما يحين الوقت، علينا أن نذهب إلى سوريا وأن نجري نقاشات مثمرة مع السوريين».
ورجّحت «أي بي سي» أن يجد بيترايوس «من يسمعه» في إدارة يرأسها باراك أوباما، «نظراً لأن الأخير يرى أن على الولايات المتحدة التحاور مع أعدائها».
على صعيد آخر، رأى قائد قوات الأمن الداخلي الأميركي، مايكل شيرتوف، أنه على «القانون الدولي أن يضمن للدول حقّها في مهاجمة دولة جارة تمثّل تهديداً إرهابياً محتملاً لأمنها القومي»، وهو ما اعتبره مراقبون بمثابة تبرير أميركي للغارة الأخيرة ضدّ سوريا، وردّاً على الشكوى الباكستانية من استمرار الهجمات الجوية الأميركية على أراضيها. وفي تعريفه لـ«حقّ الدفاع عن النفس»، أشار شيرتوف، خلال مؤتمر نظمه البرلمان البريطاني في لندن أول من أمس، إلى ضرورة أن يؤمن القانون الدولي التسويغات الكافية التي تسمح لدولة معينة بشن هجمات على أراضي دولة مجاورة لها «من ضمن مفهوم الضربات الوقائية»، وهو ما اعترض عليه عدد من النواب البريطانيين الذين حضروا المؤتمر.
إلى ذلك، أعربت مصادر سورية، في اتصال مع «الأخبار»، عن ثقتها بأن لاعتداء يوم الأحد الماضي أسباباً داخلية أميركية تتعلق بالانتخابات الرئاسية «بدليل أن أول من استثمرها المرشح جون ماكاين».
وتؤكّد المصادر عدم وجود نية سورية حالياً لتصعيد يبلغ العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن «على الأقل ريثما تأتي الإدارة الجديدة وتتوضح سياستها».
وتعترف الأوساط السياسية السورية بأن الضربة الأميركية باغتت حكام دمشق «التي كانت تتوقع من العراقيين والأميركيين شكراً على تعاونها الأمني حدودياً». وأكثر من ذلك، فإن دمشق لم «تغفر» بعد لحكومة بغداد تبريرها للعدوان، لذلك تضع تلك المصادر إجراءات التخفيف في عديد حرسها على الحدود العراقية وإرجاء موعد اجتماع اللجنة العراقية ــ السورية العليا في خانة: «سوريا ليست مكسر عصا»، و«إذا لم يكن هناك اعتراف بما نقدمه فمن الأحسن التراجع عنه». وعن تشديد الوضع على الحدود اللبنانية، جزمت المصادر السورية بأن «هناك أولويات أمنية، وضبط الحدود مع لبنان بالنسبة إلينا أهم من ضبطها مع العراق في ظل نكران جميل عراقي واعتداء أميركي».
(الأخبار، ا ف ب، رويترز)

وبانتظار وصول التوضيحات من الجانبين الأميركي والعراقي، تدرس دمشق إمكان استضافة اجتماع لجنة المتابعة الأمنية الذي كان مقرراً في 22 الشهر الجاري أو إلغائه.
(الأخبار)