واشنطن ــ الأخبارالسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان في خضم التنافس الشديد بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي في الانتخابات الأميركية، سواء الرئاسية أو التشريعية، هو لماذا لا توجد «أحزاب ثالثة» ذات ثقل في مواجهة الحزبين الرئيسيين؟ وما هو مصير «الأحزاب الثالثة» والمستقلين في أي انتخابات؟
الحزبان الجمهوري والديموقراطي هما وريثان لأحزاب سابقة من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ومع استثناءات نادرة، يهيمنان على الساحة السياسية الأميركية منذ فترة طويلة. وقد كان كل رئيس أميركي جرى انتخابه منذ عام 1865 شخصاً ينتمي إلى أحد هذين الحزبين. إلّا أن هناك أكثر من 30 حزباً سياسياً آخر، تعرف بـ«الأحزاب الثالثة». كما أنه يمكن المرشحين أن يخوضوا الانتخابات كمرشحين مستقلين لا ينتمون إلى أي حزب سياسي.
وكان للكثير من الأحزاب الصغيرة والمرشحين المستقلين عوامل مهمة في الانتخابات، إما من خلال لفتهم الانتباه إلى قضايا انتخابية، أو من خلال زيادة الإقبال على الاقتراع للبعث برسالة إلى الحزبين الرئيسيين من خلال الإكثار من الأصوات الاحتجاجية.
ومن أبرز مرشحي الأحزاب الثالثة في التاريخ الحديث، رالف نادر، المتحدّر من أصل لبناني، والمعروف بالدفاع عن حماية المستهلك وخفض الضرائب الذي فاز بنسبة 2.7 من الأصوات الشعبية كمرشح حزب الخضر للرئاسة عام 2000.
ولكن نادر لم يفز بأي صوت من أصوات الهيئة الانتخابية، وإن كان البعض في الحزب الديموقراطي يجادل بأنه تسبب في خسارة آل غور الرئاسة آنذاك من خلال استقطابه أصواتاً كانت ستصب على الأرجح في خانة المرشح الديموقراطي لولا وجود نادر.
ورالف نادر واحد من العشرات المحتمل أن يخوضوا الانتخابات كمرشحين عن حزب ثالث في انتخابات 2008 الرئاسية، وإن كان يخوض الانتخابات هذه المرة كمرشح مستقل.
ومن مرشحي «الحزب الثالث» هذا العام، مرشح حزب «الحرية في الفكر والعمل» (ليبرتاريان بارتي) بوب بار، وهو نائب جمهوري سابق في الكونغرس. ومرشحة حزب «الخضر» سينثيا ماكيني، وهي نائبة سابقة في الكونغرس عن ولاية جورجيا، التي تعرضت لحملة شديدة من جماعة اللوبي اليهودي أدت إلى خسارتها مقعدها. وتهدف حملتها إلى محاربة تجارة المخدرات وزيادة المخصصات المقررة لحماية البيئة.
وهناك أيضاً مرشح الحزب الدستوري، تشاك بالدوين، وتهدف حملته إلى تعزيز الحريات الفردية والمدنية وتحويل أميركا إلى بلد يعتمد على الذات وتحسين كل خدمات الرعاية الصحية للمواطن.
والأحزاب الثالثة الحالية التي تظهر السجلات القومية أن لديها أكثر من مئة ألف عضو هي: «حزب الدستور» المحافظ اجتماعياً واقتصادياً، وحزب «الخضر» الذي يصنّف إلى يسار الوسط، وحزب «حرية الفكر والعمل» الذي يعدّ محافظاً مالياً ومتحرراً اجتماعياً. وبين الأحزاب الثالثة الأصغر، هناك: حزب الوسط، والحزب الاشتراكي، والحزب الشيوعي.
وبلغة السياسات الأميركية، وحتى نهاية القرن التاسع عشر، يشير مصطلح «الحزب الثالث» إلى أي حزب خارج نظام الحزبين الجمهوري والديموقراطي. ويشير مصطلح المستقل إلى أي مقترع لا يعلن، عندما يذهب لتسجيل اسمه في لوائح المقترعين، انتسابه إلى الجمهوريين أو الديموقراطيين أو أي أحزاب أخرى. كما يشير إلى مرشح لمنصب ما على أساس الهوية الشخصية لا الانتماء إلى أي حزب.
ودائماً ما تفيد استطلاعات الرأى الأميركية أن الناخبين الأميركيين يرغبون في وجود حزب ثالث قوي على الساحة الأميركية، وأن لديهم آراءً تعكس حقيقة الحاجة إلى تعدد الفرص أمام المرشحين المستقلين والأحزاب الثالثة في الحياة السياسية الأميركية.
ففي عام 1995، على سبيل المثال، وعشية انتخابات عام 1996، أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز «غالوب» أن 62 في المئة من الأميركيين يحبذون إنشاء حزب ثالث. كما أظهر استطلاع حديث لـ «غالوب» أيضاً أواخر عام 2007 أن 48 في المئة من الأميركيين غير راضين عن أداء أي من الحزبين الديمووقراطي أو الجمهوري، وأن هناك حاجة إلى قيام حزب ثالث.
وبالنسبة إلى الأحزاب الثلاثة الصغيرة والمستقلين، يلاحَظ أن ثلثي الأميركيين يعتبرون أنفسهم إما ديموقراطيين أو جمهوريين، ما يعني أن الثلث الباقي هو من المستقلين، حتى وإن صوّت لمصلحة أيّ من الحزبين حتى لا يضيع صوته، لذا فإن نسبة المقترعين شعبياً لمصلحة الحزبين تتجاوز دائماً نسبة 95 في المئة.