سوريا معنيّة مباشرة بنتائج انتخابات الرئاسة الأميركية لكونها تقع في منطقة تمثّل رأس حربة المشروع الأميركي في العالم. فرضية تلزم الحكم والشارع السوريين الاهتمام الحثيث بنهار غد الطويل. باراك أوباما يبقى المفضّل «بحذر»
دمشق ـ سعاد مكرم
قبل أيام من الاعتداء الأميركي على منطقة البوكمال السورية، كانت السفارة الأميركية لدى دمشق توجه الدعوات لإعلاميين وشخصيات سورية معروفة، لحضور «ليلة انتخابية»، تجري خلالها متابعة مجريات اليوم الأول من الانتخابات الرئاسية عبر الأقمار الاصطناعية.
بعض ممّن تلقوا الدعوة، تشاوروا طويلاً لبحث إمكان تلبيتها، مع أن الرأي الأغلب كان التوجّه نحو الاعتذار. أحدهم قال إنّه لا يمكن التكهن بمن سيكون الفائز، لأن الحملات الانتخابية الأميركية تتعهد بها شركات ترويج كبرى، كانت وراء فوز جورج بوش في ولايته الثانية. كما أن الاعتبارات الأميركية الداخلية هي التي تغلب على الاعتبارات الخارجية.
بالمحصّلة، كان الميل واضحاً لتفضيل فوز المرشح باراك أوباما فقط لأنه من الحزب الديموقراطي «نكاية بجمهوريي بوش»، من دون تعليق الآمال على الرئيس المقبل، إلا إذا أعاد النظر بسياسة سلفه في المنطقة.
وبعد غارة يوم الأحد الماضي، تغيّرت مواقف الشارع السوري المتابع للحدث الأميركي. ففي أول جلسة للمدعوّين إلى السفارة لحضور «الليلة الانتخابية» التي أُلغيَت وباتت محطّ سخرية عامّة، لم تعد نتائج الانتخابات تحجز لنفسها الاهتمام الكبير لدى المجتمعين. فقد أثبت ردّ فعل كل من أوباما ومنافسه جون ماكاين على الغارة، أنهما متشابهان فعلاً... فهل هي «خيبة أمل»؟ أحدهم ينفي بسرعة «فبالأساس لم يكن لدينا أمل منهما حتى يخيب».
على طاولة أخرى في أحد مقاهي دمشق، تحلّق زملاء جامعيون. بدا هؤلاء الشباب أنهم يشجعون فوز أوباما الذي تعهّد فتح حوار مع إيران، بحسب تعبير كنان (18 عاماً). لكن كنان لا يثق كثيراً بفوز المرشح الديموقراطي، لأنه لا أحد بإمكانه التكهن «بما قد يحمله ربع الساعة الأخيرة». ولدى سؤاله عمّا يقصده، أجاب «قد يخرج أسامة بن لادن برسالة أو يقع حدث كبير يعيد الهاجس الأمني إلى الصدارة عند الأميركيين، عندها سيفضلون المرشح الجمهوري».
أما رجل الأعمال مازن (41 عاماً)، فهو ــ رغم تمنيه أن يفوز أوباما ــ يعود ليستبعد ذلك «لأنه أسود»، معرباً عن ثقته بأن حظوظ ماكاين لا تزال أكبر رغم ما تظهره استطلاعات الرأي من فارق لمصلحة أوباما.
وتبدو تصريحات المسؤولين السوريين قريبة من هوى الشارع. فالتمنيات الحكومية بفوز أوباما تظهر جلياً في التصريحات الأخيرة الصادرة من الدوائر الرسمية، «لأنه مهما بلغ من السوء لن يكون أسوأ من بوش».
وفي السياق، يعوّل السوريّون على أن «تستفيد الإدارة المقبلة من أخطاء إدارة بوش»، كما قال وزير الخارجية وليد المعلم في لندن، وفي الوقت نفسه، فإن السوريين لا يتوقعون حصول ذلك (أن تستفيد إدارة أوباما فعلاً من الأخطاء السابقة).
وتبدو المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا، الجهة السورية الوحيدة المتفاعلة مع حدث الانتخابات الأميركية مباشرة. وعلمت «الأخبار» من رئيس المنظمة الدكتور عمار القربي أنه جرى تأليف لجنة برئاسة المهندس عبد اللطيف المنير المقيم في الولايات المتحدة، تتبع للمنظمة، ومهمتها رصد الانتخابات في خمس ولايات، حيث تسجّل الجالية العربية والمسلمة حضوراً كبيراً.