الشعب المصري يسعى إلى التغيير، وباراك أوباما هو الأمل لتبنّيه هذا نهج. إلاّ أن حسني مبارك يفضّل جون ماكاين، لضمان استمرارية اللعبة الأميركية ــ المصرية، وضمان توريث السلطة
القاهرة ـ خالد محمود رمضان
في أحد المقاهي البائسة في حيّ شعبي في القاهرة، كان صوت التلفاز يطغى على أصوات المناقشات اليومية المحتدمة بين الناس. يقفز أحدهم ليسأل: من ترغبون للرئاسة الأميركية: أوباما أم ماكاين.
سؤال تتداوله النخبة السياسية في مصر أيضاً، إلاّ أن اهتمام الشارع المصري يبدو مفاجئاً. لا يعرف المصريون العاديون الفارق بين المرشحين، لكنهم يدركون أن الرئيس الأميركي يُنتخب من دون تزوير على الأقل.
أمضى الرئيس المصري حسني مبارك 27 عاماً حتى الآن في مقاعد السلطة. رأى صعود وهبوط نحو ستة من الرؤساء الأميركيين. أخيراً، أعرب مبارك عن تطلعه لأن تواصل الإدارة الأميركية المقبلة جهودها من أجل السلام في الشرق الأوسط والعالم، إضافة إلى استمرار التعاون المصري ـــــ الأميركي إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك. يرى أن علاقات بلاده مع واشنطن «استراتيجية»، تقوم على الاحترام وتحقيق المصالح المشتركة.
كلما احتاجت أميركا إلى خدمات النظام، ضغطت عليه بأوراقها التقليدية (الأقباط وحقوق الإنسان والمعونة الاقتصادية). لكن النظام كان قد أجاد منذ سنوات اللعبة الأميركية هذه، وعدم وصولها إلى مرحلة «الأزمة».
مبارك، الذي امتنع عن زيارة واشنطن منذ سنوات لامتعاضه من طريقة الإدارة الأميركية في التعامل مع أساليب حكمه، يبدو ميالاً لماكاين الذي يمثّل بتوجهاته، المرشح الأقرب إلى العقلية المصرية.
في المقابل، قد يسبّب نجاح أوباما أزمة لنظام مبارك، ذلك أن الرجل الذي رفع شعارات التغيير في بلاده، يتوقع أن يتخذ سياسات أكثر تشدداً تجاه الأنظمة الديكتاتورية في منطقة الشرق الأوسط، ومنها مصر.
ورغم إدراك مبارك أن الوقت في مصلحته، والسلحفاة التي تعيش مئتي عام في أمان يمكن أن تتحول إلى تجربة بشرية غير تقليدية، إلاّ أنه أكثر الناس اهتماماً بنتائج الانتخابات لسبب جوهري، وهو أن الإدارة الأميركية التالية عليها أن تتعايش مع سيناريو التوريث، وانتقال السلطة إلى ابنه جمال، القيادي البارز في الحزب الحاكم.
وعندما سئل جمال عما إذا كانت الإدارات الأميركية الديموقراطية أفضل في التعامل مع القضايا العربية، قال إن «العالم كله يتابع تطورات الحملة الانتخابية لأن الولايات المتحدة دولة عظمى ولها تأثير على مجريات الأمور في العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط. لكننا لا نعلق عليها باعتبارها شأناً داخلياً». إلاّ أنه رجا الإدارة الجديدة أن «تبدأ بالاهتمام بقضايا الشرق الأوسط في بداية توليها لا في نهاية فترة إدارتها».
سفير مصر السابق لدى الولايات المتحدة، نبيل فهمي، رأى أن «نتائج الانتخابات الأميركية لن تؤثّر جذرياً في سياستها تجاه قضايا الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أن «المؤسسات الأميركية هي التي تتحكم في تحديد هذه السياسات طبقاً لمصالحها».
أيمن نور، الذي حصل على ثاني أعلى الأصوات بعد مبارك الأب في انتخابات الرئاسية التي جرت عام 2005، يدرك حقيقة المشهد المقبل، إذ أرسل من سجنه قبل شهور، رسالة إلى أوباما، شرح فيها دوافع سجنه وتفاصيل قضيته وأزمته مع النظام المصري، من دون أن يتلقى رداً.
أما على «الفايس بوك»، فهناك ثلاث مجموعات مصرية تدعم حملة أوباما وتراهن على فوزه، أملاً بتغيير الأوضاع في مصر. هو الذي وعدهم أخيراً بـ«تحقيق مطالبهم» خلال مكالمة غير مسبوقة بينهم عبر شبكة الإنترنت، شكر خلالها كل مصري يساند حملته الانتخابية.