باريس ــ بسّام الطيارةيلتئم اليوم في مرسيليا لقاء وزراء خارجية الدول الـ٤٣ التي تكوّن الاتحاد من أجل المتوسط، الذي عاد عنوان «مسار برشلونة» ليلتصق به.
وعادت آليات عمل المفوضية الأوروبية للتحكّم في مجمل مفاصل اللقاء، رغم تأكيدات «صاحب الفكرة» الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن هيكلية التعاون الجديدة يمكن أن تواكب مسار برشلونة وتكمله وتتجاوز العوائق التي قامت بوجه هذا الأخير.
يمكن وضع «نقاط الخلاف الثلاث» في هذا اللقاء، جانباً. نقاط يركّز عليها الإعلام: دور الجامعة العربية ومقر الاتحاد وتوزيع صلاحيات الإدارة، وخصوصاً تداول الرئاسة بين الشمال والجنوب، التي أكدت مفوضة العلاقات الخارجية بينيتا فيريرو فالدنر بتفاؤل مفرط أن الوزراء «سيجدون من دون شك حلولاً لها».
ويعترف أكثر من مصدر بأن «مسألة مشاركة الجامعة العربية في اللجان التقنية» ــ وهو ما تعارضه إسرائيل بقوة مدعومة من عدد كبير من الدول الأوروبيّة ــ تسبّب شرخاً بين ضفتي المتوسط.
ويرى أكثر من مسؤول أن «حساسية المسألة» تنطلق من كون اللجان التقنية هي في الواقع عصب الاتحاد الجديد.
وقد كشف مصدر مقرب من الملف، لـ«الأخبار»، عن أن عمل اللجان «التطوعي» يقوم منذ أكثر من سنتين في الظل على شكل «مشاغل ومن دون تطبيل إعلامي»، وأن الاتحاد الجديد ما هو إلّا «لبنة» تجميع أفكار هذه المشاغل لصهرها في مشاريع على مستوى دول المنطقة. وأشار المصدر الموثوق ه إلى أنه في أيلول ٢٠٠٦ «مباشرة عقب حرب تموز» اجتمع «خبراء من كل هذه البلدان بما فيها إسرائيل» بطريقة «تلقائية وعفوية» للتحضير لهذه المشاغل. ويصف في هذا الصدد جاك روتزينغر، السفير المكلف الشق الثقافي من الاتحاد من أجل المتوسط، هذه المشاغل بأنها «مواكبة للقاءات السياسية» لأنها تعمل على تثمين «قيمة الهوية الثقافية».
وكشف مصدر عن أن عمل الـ«٣٠٠ لاعب» المنتمين إلى الدول الـ ٤٣ ينصبّ على ثمانية فصول رئيسية، تمثّل هيكلية وقاعدة للفلسفة التي يبنى عليها الاتحاد من أجل المتوسط:
١) فصل المرئي والمسموع ٢) الكتابة والترجمة وعلم المكتبات ٣) الإنتاج الفني وحرية التنقل ٤) العلاقة بين الديانات ٥) تحديث المجتمعات ٦) التربية ٧) الثقافة والهوية الثقافية ٨) التاريخ والذاكرة.
عناوين كبرى لمشاريع المشاغل، التي تعمل تحت إشراف «اليوروميد» المرتبط بـ«مسار برشلونة»، تمثّل محور «اللقاء الرديف» للقاء وزراء الخارجية تحت عنوان «مجمع حال الثقافة المتوسطية»، ويُوصف بأنه «الشق الثقافي للاتحاد»، الذي تختبئ وراءه «نوايا تطبيعية» بين العرب وإسرائيل، حسبما صرح لـ«الأخبار» دبلوماسي عربي.
ويقول الدبلوماسي «يكفي النظر إلى الموقع يوروميد» على شبكة الإنترنت (http://www.euromedinfo.eu) لتبيان الأهداف الأساسية لهذه المسارات التي «انطلقت مباشرة عقب اتفاقية أوسلو» على أساس ما «ما يرضي الفلسطيني يجب أن يرضي كل عربي».
ويشير أكثر من مسؤول عربي من الذين يستعدون للمشاركة في مرسيليا إلى أن الأفكار التي تمثّل شبكة الفصول الثمانية «موجهة للعرب فقط»، ويعطي أحدهم مثالاً على فصل «كتابة التاريخ والذاكرة»، مشيراً إلى أن «تاريخ الضفة الشمالية قد كتب»، مستنتجاً أن المطلوب هو «إعادة كتابة تاريخ الضفة الجنوبية».