قد يُشغل بعض الساسة العراقيّين في البحث عن أفضليات بين المرشحَين للرئاسة الأميركية، باراك أوباما وجون ماكاين. إلا أن مثل هذا الانشغال يبقى بعيداً عن الشارع المشغول بهموم أخرى
بغداد ــ زيد الزبيدي
عرف العراقيون، من خلال تجاربهم السابقة، أنّ كلاً من باراك أوباما ومنافسه جون ماكاين يكمل أحدهما الآخر في سياساته الخارجية العدوانية، وأنّ هموم الحياة اليومية، وكيفية مواجهتها، «أهم بكثير من التفكير في أمور كهذه، لا تزيد سوى أوجاع الرأس».
ولا يحبّذ معظم العراقيّين السؤال عن «أيهما أفضل؟»، بل يفضّلون «أيهما أسوأ؟».
وبحسب الضابط المتقاعد في الجيش السابق العميد أبو إيهاب، فإنّ الذين يقارنون بين المرشّحَين، لم يعيشوا أحداث العراق في العقدين الأخيرين، أو أنهم يتناسونها. فبعد حرب 1991، التي قادها الجمهوري جورج بوش الأب، وصل إلى الرئاسة الديموقراطي بيل كلينتون، الذي شدد الحصار على بلاد الرافدين، وشنت قواته أربع هجمات على هذا البلد... «فبكلام آخر، يبقى الجمهوريّون والديموقراطيّون في الرئاسة وجهين لعملة واحدة».
ويضيف أبو ايهاب إن «هناك من يخدع أو ينخدع بالتصريحات البراقة، ويتناسى أنّ العراق أصبح الآن مستعمرة أميركية، ولدى صندوق النقد الدولي، بهدف فرض المجاعة على الشعب». ويتساءل الجنرال بسخرية «هل سيحررنا ماكاين أو اوباما من القيود الظالمة لصندوق النقد؟». وبالحديث عن انسحاب قوات الاحتلال من العراق، «فهو أمر غير وارد بالنسبة إلى كل من أوباما وماكاين».
غير أن وجهة نظر أبو ايهاب قلّما تصادف مثيلاً لها عند الساسة العراقيين، الذين تتباين آراؤهم بشأن تأثير الانتخابات الأميركية على الوضع في العراق؛ ففيما رأى بعضهم أنه سيكون لها أثر مباشر، يرى آخرون أن السياسة الأميركية لا ولن تتغير بتغيّر الأشخاص.
وفي هذا السياق، يتوقع النائب المستقل وائل عبد اللطيف ألّا ينظر أوباما إلى الاتفاقية الأميركية ــ العراقية بجدية، لكونه يفكر في سحب قوات بلاده بأسرع وقت ممكن من العراق، «بينما صعود ماكاين سيؤدي إلى مواصلة المفاوضات وإحداث تغييرات جدية في بلادنا».
بدوره، يبدو رئيس «الجبهة العراقية للحوار الوطني» صالح المطلك واثقاً بـ «إصرار الإدارة المقبلة في واشنطن، سواء كانت ديموقراطية أو جمهورية، على عدم تغيير السياسة المتّبعة، وهو ما سيزيد التوتر بينها وبين العراقيين» في إشارة إلى تعهّد كل من المرشحين لوزير الخارجية هوشيار زيباري عدم تغيير سياسة بلدهما تجاه حكومة بغداد.
في المقابل، رأى المتحدث باسم الكتلة الصدرية في البرلمان أحمد المسعودي أن سياسة بوش الأب ونجله «شوّهت سمعة أميركا في الشرق الأوسط، وعلى الشعب الأميركي أن يتحمل مسؤوليته باختيار أشخاص قادرين على تحسين هذه الصورة»، مشيراً إلى أن «سبب تفوق اوباما على ماكاين يعود إلى تأييده سحب قوات بلاده من العراق».
وفي شمال العراق، يسود رأي شعبي غالب بين الأكراد، يؤيد ماكاين، لأنه يسير على خطى بوش في منحهم «حق تقرير المصير». غير أنه رأي ينحسر باطّراد، حيث أظهر استطلاع رأي «نظمه معهد البحوث السياسية في أربيل» في المحافظات الثلاث للإقليم، أربيل ودهوك والسليمانية، أن 52 في المئة فقط من المستطلعة آراؤهم متحمسون لماكاين، فيما أشار النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان إلى أن «برنامج أوباما سيكون مفيداً إذا ما اتفق مع سياسات الحكومة العراقية».
وفي موقف لافت، قال عثمان «اوباما يريد سحب القوات الأميركية خلال 16 شهراً، وهذا الأمر مفيد للعراق لأننا يجب أن نتفق معه على وضع جدول زمني للانسحاب، لأن السنوات الخمس الماضية شهدت مشاكل عديدة في البلد بسبب وجود هذه القوات».