موسكو ـ حبيب فوعانينظرة روسيا إلى المرشحين إلى الرئاسة الأميركية، الديموقراطي باراك أوباما والجمهوري جون ماكاين، تبدو متقاربة بعض الشيء نظراً لمواقفهما المتشابهة حيال موسكو. إلاّ أن التباين يتمثل في تفضيل المرشح الأسود الأقدر على فهم تحولات العالم، رغم أن التعامل مع ماكاين قد يكون أقل تعقيداً، استناداً إلى تاريخ الجمهوريين «المشرف» مع روسيا.
وذكر «مركز عموم روسيا لدراسة الرأي العام»، أن 60 في المئة من المواطنين الروس يرغبون في فوز أوباما، ويتوقع خُمس مواطني البلاد (18 في المئة)، تحسن العلاقات الأميركية ـــــ الروسية بعد الانتخابات. نسبة تعدّ جيدة بالنسبة للروس، نظراً إلى قوميتهم العنصرية، وخمولهم السياسي وعدم مبالاتهم بما يحدث في العالم.
ودعا كل من أوباما وماكاين إلى مزيد من التنسيق والتفاعل مع موسكو، مستبعدين العودة إلى الحرب الباردة. إلا أنهما انتقدا في الوقت نفسه الدب الروسي بسبب أحداث القوقاز الأخيرة.
أوباما، خلافاً لماكاين، وصف الدور الروسي في نزاع القوقاز بأنه «عدوان عنيف من جانب موسكو»، ليعود ويهادن الموقف قائلاً إن «الوقت حان لجورجيا وروسيا لضبط النفس وتجنّب التصعيد نحو حرب واسعة النطاق».
ويتفق المرشحان على أن عامل الطاقة يمثّل أساس العلاقة بين روسيا وأوروبا. ورغم تصميمهما على تعزيز حلف شمالي الأطلسي وتوسيعه، يبدو أوباما أكثر تريثاً بعكس ماكاين. وفي ما يتعلق بالدرع الصاروخية الأميركية، ينظر أوباما إلى هذا الأمر ببرود، بينما يدعو ماكاين إلى تسريع نشرها.
كلاهما انتقد روسيا لتقييدها الحريات السياسية، إلاّ أن موقف أوباما لم يتعدّ ذلك إلى المطالبة بطردها من مجموعة الثماني، كما فعل المرشح الجمهوري.
ويرى بعض المراقبين الروس أن «المرشحين يلتقيان في المضمون ويختلفان في الأسلوب». ورغم التقاء الخبراء الروس على أن جورج بوش الابن خلف تركة ثقيلة على الساحة الدولية، إلا أنهم يؤكدون أن عهده، رغم الهستيريا الكلامية أحياناً، «لم يتجاوز الخطوط الحمراء». ويعتقد كثيرون أن «التعامل كان أسهل دائماً مع الرؤساء الجمهوريين من ريتشارد نيكسون إلى رونالد ريغان وحتى بوش الابن، إذ حصل الانفراج الدولي في عهودهم، من خلال عقد أهم معاهدات خفض التسلح، لأنهم ليسوا بحاجة إلى إثبات وطنيتهم بعكس الديموقراطيين».
رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي، نائب النائب الأول لرئيس مجلس الدوما، إيفان ميلنيكوف، لا يرى أهمية كبرى لفوز أيّ من المرشحين بالنسبة إلى روسيا، وذلك لنظرتهما النمطية إلى موسكو، إلاّ أنه يعتقد أنه «سيكون من الأسهل إجراء حوار مع ماكاين لأنه أكثر وضوحاً وأقل مكراً».
في المقابل، يفضّل رئيس معهد الولايات المتحدة وكندا التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، سيرغي روغوف، «أوباما البراغماتي، الذي يتفهم التغيّرات الراهنة في العالم وانهيار أحادية القطب».
ويرى مراقبون أن من السهل على رجل القانون، ديمتري مدفيديف، «التعامل مع المحامي أوباما، لأن مدفيديف هو أول رئيس ينتمي بحق إلى عصر ما بعد السوفياتية، فيما أوباما هو أول زعيم أسود يظهر بعد مرحلة العنصرية، كما أن كليهما ينتمي إلى عصر ما بعد الحرب الباردة».
أما المسؤولون الروس فيتحاشون الإفصاح عن أهوائهم. غير أن ما يخيفهم هو احتمال «اتباع أوباما سياسة أكثر تطرفاً نحو روسيا من الإدارة الجمهورية الحالية». وقال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما، قسطنطين كوساتشوف، إنه «لن يكون هناك أي تقدم مع ماكاين. أما مع أوباما فذلك ممكن، لأن الأخير غير مثقل بتفكير موروث مثل المرشح الجمهوري».