طهران ــ محمد شمص تؤيد غالبية الشعب الإيراني المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية، باراك أوباما، وتفضله على المرشح الجمهوري جون ماكين، ليس لأنه من العرق الأسود، أو لأنه من أب مسلم فحسب، بل لإيمانهم بأنه قادر على أن يطوي صفحة الخلافات بين واشنطن وطهران، من خلال بدء الحوار مع النظام الإسلامي وإبعاد شبح الحرب المحتملة على إيران ومنشآتها النووية.
لم يخف رئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، ولو بخجل، تأييده لأوباما، فيما أعلن النائب في لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان، محمود أحمدي بيغش، بوضوح تام دعمه للمرشّح الديموقراطي، «لأنه يقدّم برنامجاً مختلفاً عن ماكاين، الذي يواصل سياسات الرئيس جورج بوش».
هذا الانطباع يسود داخل أنصار الإصلاحيين بشدة، فهم أول من دعا إلى الحوار مع أميركا، ويدعمون أي رئيس أميركي يبدأ حواراً مع طهران.
وتقول المهندسة مهناز محمدي: «أنا لست أميركية، ولا أدري ما هي أولويات الشعب الأميركي، وهذه تخص الأميركيين أنفسهم، لكن ما يهمني أنا المواطنة الإيرانية، أن يتبع الرئيس الأميركي الجديد الطرق الدبلوماسية، ولا سيما في الملف النووي واستئناف العلاقات الدبلوماسية والحوار مع إيران».
أما طالب الطب في جامعة طهران، بهرام أفضلي، فيرى أنه «لا يمكن أن ننسى العقوبات الأميركية وما خلفته من آثار سلبية على بلادنا وأيضاً في الملف النووي، ولا أعتقد أن وصول ماكاين أو أوباما سيغيّر شيئاً في سياسات أميركا تجاه إيران، ومع ذلك أنا متعاطف مع أوباما».
على المستوى الرئاسي، الحوار هو نقطة التقاء بين أوباما والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي أعلن استعداده لإجراء حوار مع أي مسؤول أميركي، شرط أن يكون علنياً. وأوباما أيضاً طرح الحوار مع إيران من دون شروط. لكن كل هذا التناغم ورسائل الغزل السياسي بين الرجلين يبدو أنها لن تكون كافية لإعادة المياه إلى مجاريها، فالمرشد الأعلى للثورة، علي خامنئي، صاحب القرار في السياسات الخارجية، ولا سيما مع الولايات المتحدة، يرفض مبدأ الحوار مع واشنطن لاعتقاده بأن الأميركيين غير جادّين ويريدون الحوار لأجل الحوار، لا لأجل استئناف علاقات يحكمها الاحترام المتبادل بين البلدين.
وقال خامنئي، في خطابه الأخير في ذكرى احتلال المبنى السابق للسفارة الأميركية في طهران عام 1979: «إن الأميركيين يريدون أن يجلسوا معنا إلى طاولة واحدة أمام عدسات الكاميرات ووسائل الإعلام ليوحوا للعالم بأن الإيرانيين خنعوا للإدارة الأميركية في نهاية المطاف، وهم بذلك يوجّهون رسالة إلى كل معارضي سياساتهم عبر العالم بأنه لا فائدة من الاستمرار برفض سياساتنا، فإيران الدولة الأكثر عداءً وشراسة في وجه أميركا وبعد 30 عاماً أجبرت وتراجعت».
وتقول مصادر مطلعة إن الإيرانيين غير خائفين من فوز ماكاين، وليسوا كثيري التفاول بانتخاب أوباما، فيما الموقف الرسمي الإيراني يرفض التصريح أو الدخول في لعبة الأسماء، لأن ما يطلقه المرشحان الديموقراطي والجمهوري من تصريحات وشعارات تجاه إيران لا تعبّر بالضرورة عن حقيقة موقفهما، وتدخل في سياق الحملات الانتخابية.
كذلك، فإن هذا الرفض الرسمي في لعبة الأسماء، لا يعني عدم كون إيران لاعباً أساسياً في الانتخابات الأميركية، ففي الثمانينيات كانت قضية الرهائن الأميركيين في طهران، أحد أسباب سقوط الرئيس الأميركي جيمي كارتر.