أولت الصحف الإسرائيلية اهتماماً شديداً بالانتخابات الأميركية، وتوقف المحللون فيها عند انعكاساتها على الشرق الأوسط
مهدي السيّد
توقّف الصحافي الإسرائيلي، سيفر بلوتسكر، في افتتاحية صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، عند دلالات انتخاب باراك أوباما، وعند مميزاته الشخصية، فقال إنه لا يرى «تحوّلاً تاريخيّاً في مجرد انتخاب مواطن لون جلدته سوداء للرئاسة الأميركية، بل إن الانعطافة الكبرى ترتبط بالخصلة المميزة التي جلبها معه أوباما: اشتراكي ديموقراطي، أسود، وشاب، مسلم ـــ أصبح نصرانياً، مؤيّداً للصهيونية».
وبحسب بلوتسكر، فإن «هذا الخليط المركب أثار حماسة الأميركيين حتى فقدان الحواس، بما في ذلك فقدان حاسة النقد والشك الطبيعية». ويعتقد أنه «إذا ما انتصر أوباما، فسيبدأ فصل غير معروف في التاريخ الأميركي، الفصل الاشتراكي الديموقراطي، وسيشير للعالم بأسره إلى أن أميركا تودّع الرأسماليّة المتوحشة وتتجه يساراً، وبقوة».
بدوره، رأى شلومو تسزنا في صحيفة «إسرائيل اليوم» أن الانتخابات في الولايات المتحدة ستؤثر على العالم بأسره وبالتأكيد على إسرائيل أيضاً. والسؤال برأيه هو فقط «من هو أفضل لليهود؟ باراك أوباما أم جون ماكاين». ويجيب «أنهم في القدس يؤمنون بأن كل نتيجة ستستقبل بالترحاب».
كذلك فإن أحد الأسئلة المقلقة جداً في إسرائيل، بحسب تسزنا، هو هل ستمس الولايات المتحدة بالمساعدات العسكرية التي تمنحها لإسرائيل. والجواب برأيه هو أن قدرة الرئيس على التأثير في هذا المجال أقل من الكونغرس، حيث تتمتع إسرائيل بمؤيدين كثيرين، ولهذا فإن شخصية الفائز لن تغير الصورة تغييراً دراماتيكياً.
ويرى تسيزنا أن «السؤال الحاسم سيكون موقف الإدارة من العلاقات في النزاع الإسرائيلي ـــ الفلسطيني». والجواب عن هذا السؤال هو أنه «من السابق لأوانه معرفة من هو الأفضل: ماكاين أم أوباما، لأن كل شيء منوط بالأشخاص الذين يحيطون ب الفائز».
من جهتها، ذكرت صحيفة «هآرتس»، في افتتاحيتها، أن الانتخابات للرئاسة الأميركية «بعيدة عن أن تكون حدثاً محليّاً أميركيّاً، لأن جدول الأعمال الأميركي، السياسي والاقتصادي، يتعلق بالعالم بأسره، وانتخاب رئيس جديد يقف على رأس القوة العظمى في العالم يحمل معه آمالاً ومخاوف في كل مكان».
وأضافت الصحيفة أن ثمة مصلحة خاصة لإسرائيل في شخصية وسياسة الرئيس المنتخب، لاعتبارات استراتيجية وسياسية وإقليمية. وبحسب «هآرتس»، فإن المرشحين للرئاسة، باراك أوباما وجون ماكاين، حرصا جداً على إظهار التزامهما بأمن إسرائيل. ولكن السؤال هو: «هل حان الوقت لسياسة أميركية جديدة في المنطقة. سياسة تمنح الدبلوماسية دوراً مركزياً، تدعم الشروع في مفاوضات جدية مع إيران تساعد المفاوضات بين إسرائيل وسوريا وتدعم عملياً المبادرة العربية وإنهاء النزاع الإسرائيلي ـــ الفلسطيني؟»
لكن سياسة جديدة كهذه، وفق «هآرتس»، «بحاجة إلى زعيم جديد يقودها. رئيس ليس ملتزماً بقيود الايديولوجيا التي صممها سلفه ومستعد لأن ينصت باهتمام لأفكار جديدة. هذا هو الزعيم الذي ينبغي لإسرائيل أن تتطلع إليه».
من جهته، عرض المنسّق الأميركي السابق لعملية السلام، دنيس روس، لتصوّر أوباما تجاه إسرائيل والمخاطر المحدقة بها، انطلاقاً من كونه مستشاراً للمرشّح الديموقراطي، ويعمل معه عن قرب. وقال، في مقال نشرته «إسرائيل اليوم»، إن «إيران تمثل الخطر الأساسي، وإن أوباما يفهم العامل الملحّ في التهديد الإيراني، وإنه استغل محادثاته في إسرائيل كي ينقل رسالة إلى الزعماء الأوروبيين حول ضرورة تركيز مزيد من الضغط على إيران».
ويضيف روس أن أوباما «سيهتم أيضاً، ومن دون أوهام، بعملية السلام العربي ـــ الإسرائيلي. ليس من منطلق أن السلام مضمون، بل لأن حماس تربح عندما نبتعد عن عملية صنع السلام، وتنمو بفضل اليأس والإحباط».
ودافع روس عن مواقف أوباما تجاه إسرائيل، فقال «أنا أعرف شخصيّاً تقدير أوباما لوضع إسرائيل المعقّد والتزامه تجاهها. نحن بحاجة إلى زعيم يدرك كيف يستخدم كل مداميك القوة الأميركية كي نستطيع أن نضمن مصالح أصدقائنا. أوباما هو هذا الزعيم».


قال عوفر شيلح، في «معاريف»، إنه «لو كانت الانتخابات تجرى في إسرائيل، لكان ماكاين انتصر على أوباما بفارق كبير». ويوضح أن الأمر «لا يتعلق فقط بالاسم الوسطي لأوباما، وهو حسين، وليس فقط لأن التعليم في إسرائيل هو دفيئة لكراهية الأجنبي والخوف منه. إننا ننتخب رؤساءنا انطلاقاً من اعتبارات مؤيدي ماكاين: الخوف، الالتصاق بمن هو معروف، حتى لو لم يكن محبوباً تماماً. ما يمثله أوباما، مجرد شعار للتغيير، غريب تماماً لمن نموذجه لرئيس الوزراء المثالي هو أرييل شارون (الصورة).