تابع السوريون أخبار ليلة الحسم الأميركية وهم يأملون فوز باراك أوباما، حتى إن إعلامهم حسم النتيجة في ساعة مبكرة لأنه يريدها أملاً بحصول تغيير منتظر منذ 8 سنوات
دمشق ــ سعاد مكرم
كان لافتاً الاهتمام الكبير الذي أولته الصحافة السورية الخاصة والحكومية، بالانتخابات الأميركية، من ناحية تنصيب باراك أوباما رئيساً حتى قبل إقفال صناديق الاقتراع. فقد كتبت صحيفة «الوطن» الخاصة المقربة من النظام في افتتاحيتها قائلة «أردنا أن نعلن باراك أوباما رئيساً قبل أن نحصل على النتائج وذلك تماشياً وتضامناً مع رغبة ملايين الأميركيين والعرب والزملاء الإعلاميين الذين يريدون التغيير في السياسة الأميركية الخارجية ويراهنون على أوباما الذي رفع هذا الشعار».
وبعد إعلان النتائج، أبرزت وكالة الأنباء السورية (سانا) الخبر تحت عنوان «أوباما في أول خطاب له بعد فوزه الكاسح في الانتخابات الرئاسية: التغيير آت إلى أميركا».
وفي أول رد فعل حكومي على النتيجة الانتخابية، أعرب وزير الإعلام محسن بلال عن أمله أن يسهم فوز المرشح الديموقراطي في «تغيير السياسات الخارجية الأميركية، ودعم السلام وعدم تجاهل المشاكل التي تعاني منها الشعوب، تماشياً مع ما صرّح به خلال حملته الانتخابية». ولا شك في أن فوز أوباما أنعش الآمال في دمشق بحصول تغييرات في سياسة واشنطن على الصعد الخارجية، وذلك بعد ثماني سنوات من حكم إدارة جورج بوش التي تعاملت مع سوريا بعدوانية غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الأميركية ـــــ السورية. صحيح أن هذه العلاقات ظلت محكومة تاريخياً بانعدام الثقة، إلا أنها لم تصل إلى حد العداء والقطيعة كما جرى خلال الإدارة الجمهورية التي تستعد لحزم حقائبها.
وفي السياق، يقول المحلل السياسي ثائر دوري، لـ«الأخبار»، إن «من المبكر الحكم على نتائج الانتخابات الأميركية»، مشيراً إلى أن «صعود شعبية أوباما هو نتيجة لترنّح مشروع المحافظين الجدد الذي أدّت المقاومات في لبنان والعراق وفلسطين دوراً في إفشاله». ويلفت دوري إلى أن المؤسسة الحاكمة في واشنطن «قد تشرّبت المر وقبلت بصعود خلاسي إلى سدة الرئاسة، وهذه سابقة تاريخية تضاف إلى سابقة الرئيس الأسبق جون كينيدي التي انتهت بفجيعة سياسية شخصية عائلية ما تزال فصولها تتوالى حتى الأمس القريب». وتابع دوري «من الواضح أن أميركا قادت العالم وقادت نفسها إلى طريق مسدود عبر إطلاق العنان لرأسمالية متوحشة أفقرت الغالبية العظمى من الأميركيين في الداخل وشنّت الحرب تلو الأخرى». وعما يتوقّعه من عهد أوباما على الصعيد الخارجي، وخصوصاً ما يتعلق بالشرق الأوسط وملفاته الساخنة، يجزم دوري بأنه لا بدّ من مرور أشهر «قبل أن نفهم ما إذا كان التغيير قد بدأ فعلاً في أميركا أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لتجميل وجه هذه الدولة». وليس سراً أن الشارع السوري، رغم أنه شعر بالارتياح لفوز أوباما «نكاية بمرشح بوش، جون ماكاين»، ليس متوهّماً فعلاً ولا يبني قصوراً من رمل. وفي السياق، يقول فائز، وهو طبيب متابع للشأن السياسي، «لو أن ماكاين فاز لبقينا نراوح في المكان نفسه»، ويبرر موقفه هذا باختيار المرشح الجمهوري الفاشل «لنائبة موتورة مثل سارة بالين».
غير أن فائز يستدرك قائلاً «فوز أوباما زاد التوقعات بحصول تغيير لكن مع ضرورة عدم تعليق كثير من الآمال على الرئيس فقط لأنه أسود البشرة، فقد سبق أن علق العرب آمالهم على وزيرين أسودين في إدارة بوش (كولن باول وكوندوليزا رايس) لكنهما خيّبا الآمال».
في المقابل، فإنّ فارس، أستاذ التاريخ الثانوي، لا يزال لغاية الآن، «غير مصدق» أن أوباما فاز، فهو اعتاد خلال السنوات الثماني الماضية، على سماع الأخبار السيئة الواردة من واشنطن!