يأخذ الايرانيون التهديدات الاسرائيلية ــ الاميركية بتوجيه ضربة عسكرية ضدهم على محمل الجد، ولا سيما خلال المرحلة الانتقالية على صعيد الرئاسة الاميركية. ورغم تراجع حدة هذه التهديدات إعلامياً، لا يزال الخطاب السياسي الإيراني يتسم بلغة الحرب والمواجهة العسكرية
طهران ـ محمد شمص
اختبرت وزارة الدفاع الايرانية أمس جيلاً جديداً من الصواريخ الباليستية (أرض ـــــ أرض) بعيد المدى، أطلق عليه اسم «سجّيل» ويصل مداه الى ألفي كيلومتر، في وقت عرضت فيه أنقرة التوسط بين طهران وواشنطن لبدء مفاوضات تبعد شبح الحرب عن المنطقة.
وكانت محطة «برس تي. في» قد أفادت أول من أمس بأن الحرس الثوري اختبر بنجاح صاروخاً باليستياً من نوع «سامن»، بالقرب من الحدود العراقية.
وأعلن وزير الدفاع الايراني، العميد مصطفى محمد نجار، أن الصاروخ هو جيل جديد من صواريخ إيران البالستية أرض ـــــ أرض، فائق السرعة عند الانطلاق وشديد الدقة في تحقيق الأهداف ويعمل بالوقود الصلب عبر محرّكين.
ويتميّز هذا الصاروخ عن مثيلاته من عائلة صواريخ «شهاب 1-2-3-4» بأنه أكثر سرعة وهدف صعب أمام المنظومات الصاروخية الاعتراضية.
وشدد نجار على أن صناعة الصاروخ في كل مراحلها «أنجزت على أيدي خبراء وزارة الدفاع الايرانية، ولا تخرج عن نطاق الصناعات العسكرية المتعارف عليها لجهة كونها دفاعية لا تشكل أي تهديد لأي دولة جارة». وأضاف أن «القدرات العسكرية الايرانية هي في خدمة المنطقة ودولها والحفاظ على أمنها واستقرارها».
وقالت مصادر إيرانية، لـ«الأخبار»، إن «استعراض القوة وسيلة أخرى، الهدف منها إظهار القوة للعدو ورفع المعنويات في الداخل».
وفي السياق، أعلن مستشار المرشد الأعلى للثورة الاسلامية، اللواء رحيم صفوي، أنه «لا يمكن أن يتحقق استقرار في المنطقة من دون إيران، وعلى الجميع أن يدرك أهمية هذا البلد وموقعه لما يمتلكه من قدرات سياسية وعسكرية».
أمّا الرئيس محمود أحمدي نجاد فقد حمل من جهته على الادارة الاميركية وسياساتها «التي ينبغي أن تتغيّر لا الاشخاص»، في إشارة منه الى فوز الرئيس باراك أوباما. وقال نجاد، من محافظة مازندران، إن الشعب الإيراني «سيرّد بحزم على كل من يحاول النيل من عزته وكرامته».
وفي الشأن الداخلي، تطورت قضية تعيين صادق محصولي، المقرب من نجاد، وزيراً للداخلية الى اشتباك سياسي جديد بين نواب المجلس التشريعي المبدئيين ومستشار الرئيس، علي أكبر جوانفكر، الذي رشّح محصولي. ورأى بعض النواب هذا الترشيح إهانة للمجلس ومسّاً بصلاحياته.
وانتقد النائب أحمدي بيغيس بشدة كلام جوانفكر وطالب بمساءلته ومناقشة تصريحاته أمام النواب بسبب إساءته للمجلس ورئيسه ونوابه؛ الأمر الذي دفع برئيس المجلس بالانابة، أبوترابي فرد، الى الموافقة على مناقشة الموضوع وطرحه في الهيئة العليا للمجلس.
في المقابل (الأخبار، يو بي آي، إرنا)، اتهم وزير الأمن الإيراني، غلام حسين محسني إيجائي، أجهزة الاستخبارات الغربية بتضخيم الخلافات الداخلية على الساحة الإيرانية. وقال إيجائي، خلال حديث في مدينة نوشهر (شمال)، إن «الأجهزة الاستخبارية باتت تركّز نشاطاتها على التعرف إلى نقاط الخلاف بين التيارات المختلفة في إيران وعلينا أن نوحّد صفوفنا ونبتعد عن الخلافات الحزبية».
من جهة أخرى، أعرب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، عن رغبة تركيا في التوسّط بين إدارة الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما وإيران.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن أردوغان قوله، في مقابلة نشرت أمس، إن انتخاب أوباما فتح فرصاً جديدة لتغيير العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، جارة تركيا. ووصف أردوغان رسالة التهنئة التي بعث بها نجاد الى أوباما الأسبوع الماضي بأنها «خطوة يمكن الاستفادة منها»، مضيفاً «نحن جاهزون لنكون وسطاء.. إننا واثقون بأننا قد نكون مفيدين».
وتابع أردوغان «نحن نتابع العلاقات بين إيران والولايات المتحدة باهتمام بالغ.. نتوقّع حل العديد من القضايا على الطاولة. الحرب ليست الحل في هذا العصر».
وقال مصدر إيراني، لـ«الأخبار»، إن أنقرة تعمل ما في وسعها لدرء حرب أميركيّة محتملة على إيران لأنها ستكون المتضرر الأكبر. وأشار الى أن «بعض المسؤولين الأتراك كانوا يبلغون الايرانيين بأي تحركات مريبة للقوات الاميركية في قواعدهم التركية، ويحذروهم من احتمال ضرب إيران».
إلى ذلك، قال وزير الخارجية منوشهر متكي، لدى لقائه رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى لكوريا الشمالية كيم يونغ نام في بيونغ يانغ، إن «أميركا غير قادرة حالياً على فرض إرادتها على الدول المستقلة بسبب إخفاق السياسات الخارجية للإدارة الاميركية».