ربى أبو عمووقف إطلاق النار بين روسيا وجورجيا ووجود مراقبين دوليين على الحدود المتوترة بين البلدين في أوسيتيا وأبخازيا، لا يعنيان أبداً نهاية النزاع الذي اندلع في آب الماضي؛ فالاستعدادات من الجانبين توحي بجولة حرب جديدة في المنطقة. التسلح المتبادل لا شك في أنه ذو دلالة. كذلك واقعة أن المراقبين الدوليين بعيدون عن الأدوار المعتادة لجنود حلف شمالي الأطلسي أو الأمم المتحدة في يوغوسلافيا السابقة وغيرها. هم ليسوا أكثر من «عناصر شكلية»، تجول في المناطق الفاصلة بين الجورجيين والأوسيتيين الجنوبيين، غير مسلحين، وتقتصر مهماتهم على الإشارة إلى الجهة المعتدية في حال حدوث هجوم.
وتنتشر عناصر الشرطة الجورجية المسلحة في هذه المناطق الفاصلة بحجة حماية مواطنيها من أعمال القتل والسرقة، فيما تعمد الوحدات الروسية إلى تجنيد الأوسيتيين الحاملين للجنسيات الروسية في صفوفها.
وأشارت صحيفة «نوفو غازييتا» الروسية المعارضة إلى أن «قوات الحدود الروسية ستقوم بحراسة الحدود الأوسيتية والأبخازية بالاشتراك مع القوات المحلية». ورأت أن انتشار قوات محلية جورجية وأوسيتية مع المراقبين الدوليين في المناطق الفاصلة، يعني أنه لا وجود لمنطقة فاصلة ومنزوعة السلاح بين الجانبين، في ظل اتهام أوسيتيا الجنوبية لجورجيا بالمضي في انتهاج سياسات عدائية، وتجديد استفزازاتها.
اتهام شمل المراقبين الأوروبيين، إذ قالت تسخينفالي «إنهم منغمسون في العبث باستقرار المنطقة». لذا أمرت السلطة الأوسيتية عناصرها «بالرد على أي إطلاق نار من جورجيا». كذلك اتهمت السلطات الأبخازية النظام الجورجي بالإعداد لشن عمليات إرهابية في مقاطعة غالسكي.
في المقابل، يتهم مسؤولون جورجيون روسيا بالقيام باستفزازات مسلحة، وزيادة عدد قواتها في مقاطعة ألغوري من ألفين إلى سبعة آلاف جندي. ويتحدث هؤلاء عن احتمال قيام القوات الروسية بمهاجمة تبليسي قبل حلول الشتاء، بهدف إسقاط نظام الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي.
حالياً، لم يعد الوقت لمصلحة أحد عسكرياً، مع اقتراب الشتاء، ما يجعل احتمال اندلاع حرب جديدة أمراً مستحيلاً، قد يتحوّل إلى ممكن مع قدوم الربيع.
السبت المقبل هو موعد الانطلاقة الثانية للمحادثات حول النزاع الأخير بين روسيا وجورجيا في جنيف، بعد تأجيله في 15 تشرين الأول الماضي. «جنيف 2» قد لا يختلف كثيراً عن توأمه. ثم إن التغيّرات الاقليمية مع انتخاب باراك أوباما رئيساً جديداً للولايات المتحدة وقرب رحيل جورج بوش، ستجعل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، راعي «الصلحة المؤقتة» بين روسيا وجورجيا، أقل تشدداً مع روسيا حتى بعد مطالبتها بتطبيق كامل التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق.