لا يزال فتح مكتب للمصالح الأميركية في طهران فكرة تراود الإدارة الجمهورية في واشنطن منذ أكثر من سنة. لكن بتّها كان صعباً لأسباب تتعلق على ما يبدو بغياب استراتيجية أميركية شاملة تجاه العلاقة الملتبسة مع إيرانيبدو أن الإدارة الأميركية قد حسمت أمرها لجهة تأجيل فكرة فتح مكتب لرعاية مصالحها في إيران، إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، أي في عهد الرئيس الأميركي الديموقراطي المنتخب باراك أوباما، ما يعني أن الرئيس الجديد هو من سيقطف ثمار هذه الخطوة إذا ما وافقت طهران على ذلك.
هذه القضية، التي عالجتها صحيفة «واشنطن بوست» أمس، من شأنها إن تمت أن تُسهم في خرق جدار العداوة القائمة بين البلدين منذ عام 1980، لكن من دون أن تؤدي إلى تطبيع كامل للعلاقات، أي بقائها في حدود تسيير مصالح مواطني البلدين، على غرار المكتب الأميركي في كوبا.
الصحيفة الأميركية كشفت عن تبدل حصل في النظرة تجاه فكرة هذا المكتب داخل البيت الأبيض، حيث كان الرئيس جورج بوش في الصيف الماضي موافقاً من حيث المبدأ على اقتراح وزيرة خارجيته، كوندوليزا رايس، بإنشاء مكتب التمثيل الدبلوماسي في الجمهورية الإسلامية. لكن تطورات الأحداث التي عصفت بالقوقاز في آب الماضي، غيّرت على ما يبدو رأي بوش الذي كانت تتجاذبه وجهتا نظر: الأولى، تمثلها رايس المؤيدة لهذه الخطوة. والثانية، يمثلها نائب الرئيس ديك تشيني، الذي يكاد يكون المعارض الوحيد لها داخل الإدارة الأميركية الحاليّة.
وعلى ما تقول «واشنطن بوست»، فإن أحد أهم أسباب تراجع هذه المبادرة يكمن في كونها اقتراحاً منفصلاً، وليس جزءاً من رؤية استراتيجية لكيفية التعاطي الأميركي مع النظام الإسلامي.
وترى الصحيفة أن الانفتاح على طهران من الأفضل تركه لإدراة أوباما المقبلة، على أن يكون جزءاً من إرث بوش.
وكان مساعد وزيرة الخارجية، ويليام بيرنز، قد أبلغ دبلوماسيين أوروبيين في آب الماضي، أن قرار إنشاء المكتب سيُصَرّح عنه في وقت قريب. غير أن الاجتياح الروسي لجورجيا وغيرها من المشكلات العالمية، وعدم تقديم رايس لاقتراحها رسمياً للرئيس، أسهمت كلها في تراجع الفكرة.
إلا أن الصحيفة تنقل عن المتحدث باسم الخارجية الأميركية، شون ماكورماك قوله إن رايس ترى أن نقل المسؤولية من الدبلوماسيين السويسريين الذين يقومون بمهام الشؤون الأميركية في إيران حالياً، «فكرة مثيرة» ولا تزال قيد الدراسة.
تشيني، من ناحيته، يرى أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد سيعدّ ذلك تنازلاً أميركياً له، وسيعزز ضغوطه على معارضيه في معركته الرئاسية المقبلة.
لعلّ نتيجة الانتخابات الأميركية، التي أتت برئيس يدعو إلى الحوار مع إيران، قد تقود إلى استراتيجية جديدة، يعتمدها بشأن الطموح النووي الإيراني. وبالتالي ستكون هناك بداية جديدة مع الشعب الإيراني، بحسب الصحيفة نفسها.
وربما كانت الفكرة الأساسية التي تراود الأميركيين ـــــ حسب الصحيفة ـــــ هي أن تكون المبادرة من ضمن فهم واسع بين واشنطن وشركائها في الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا، يشمل تطوير عقوبات أقسى أو حوافز أكبر، لدفع إيران إلى وقف العمل في برنامجها النووي.
ومن الواضح أن سياسة العقوبات لا تزال سارية في الإدارة الأميركية، إذ دعا وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب، ستيوارت ليفي، أبو ظبي إلى متابعة نشاطات المصارف الإيرانية التي تعمل في الإمارات، مرجّحاً استمرار العقوبات على إيران خلال فترة رئاسة أوباما.
(الأخبار)