باريس ــ بسّام الطيارةشهدت باريس، أمس، يوماً إضرابياً مميزاً شارك فيه ما لا يقل عن نصف الهيئة التعليمية في المدارس الرسمية. ففي نهاية الأسبوع الماضي، سببت إضرابات طياري شركة الطيران الفرنسية تعطيل ٥٠ في المئة من الرحلات المتوسطة والطويلة، وهو ما يتوقع أن يتكرر في الأول من الشهر المقبل. أما بعد غد، فهو دور نقابات عمال سكك الحديد، التي أعلنت الإضراب مع إمكان تطويره ليشمل كل وسائل النقل.
رغم هذا التوتر على «خط المطالب النقابية والعمالية»، لم يتردد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الإعلان عن إنشاء «صندوق الاستثمار الاستراتيجي» المخصص لدعم المؤسسات الاستراتيجية في البلاد، وعن أنه سيزوّده بعشرين مليار يورو، مشدداً على ضرورة جعل «الأزمة فرصة تنمية».
في المقابل، يرى مراقبون أن موجة الإضرابات يمكن أن تستمر، وخصوصاً أن كل المطالب التي تحملها النقابات تحاول التصدي لخطط ساركوزي الرامية إلى «حصر نفقات الدولة».
ويقول أحد النقابيين لـ«الأخبار» إن «الحكومة هبّت لنجدة المصارف التي أفلست بسبب سوء إدارتها»، ليتابع آخر «من أين جاءت المليارات في حين أنهم يبررون صرف المعلمين بضرورة الاقتصاد؟».
تاريخياً، تكتسي إضرابات الهيئات التعليمية «حماسة شعبية في فرنسا» لتعلّق المواطن الفرنسي بـ«نظامه التعليمي العام». ويرى بعض المراقبين أن صورة دعم المؤسسات المالية بالمليارات إلى جانب صورة صرف ١١ ألف و٢٠٠ معلم هذا العام، وبرمجة صرف ١٣ ألف العام المقبل، لا بد أن تنعكس سلباً على شعبية ساركوزي.ووصف أحد المشاركين في التظاهرة تصريح ساركوزي بوجود «استراتيجيتين لمواجهة الأزمة، إما ملازمة المنزل أو الخروج منه رغم الطقس العاصف»، بأنه «كلام شعارات فارغة تهدف إلى جذب المستمع من دون تفكير». وذكر أنه أعلن منذ وصوله إلى الإليزيه أنه يريد «الخروج من فلسفة ثورة الطلبة عام 1968».
وحمل إضراب، أمس، للمرة الأولى، تحدّياً لقوانين الجمهورية. إذ إن ساركوزي كان قد مرّر في مجلس النواب، الذي يسيطر عليه حزبه الحاكم، قانوناً «يجبر المدارس على توفير رعاية التلامذة في أيام الإضراب» عوضاً عن عودتهم إلى المنازل، ما يربك عائلاتهم ويضاعف من تداعيات الإضراب. وجعل القانون البلديات «مسؤولة عن تطبيق هذا القانون» بحكم مسؤوليتها عن المدارس. وقد تمنّعت هذه المرة معظم البلديات التي يحكمها الاشتراكيون والشيوعيون عن تطبيق هذا القانون، بما فيها العاصمة باريس.