بول الأشقرأعادت الانتخابات المناطقية، التي جرت أول من أمس في فنزويلا، نوعاً من المنافسة الطبيعية التي افتقدتها البلاد منذ وصول الرئيس هوغو تشافيز إلى السلطة قبل عقد، وخصوصاً منذ المحاولة الانقلابية التي حاولت إطاحته عام 2001. وإذا قيست نتائج انتخابات الأحد بعدد المحافظات التي ربح فيها كل فريق، فإن حزب تشافيز الاشتراكي الموحّد، قد فاز بـ 17 ولاية في مقابل 5 ولايات للمعارضة. لكن إذا قيست النتيجة بوزن هذه الولايات، فالمعارضة، التي توحدت هذه المرة، تكون قد فازت بأكبر ثلاث ولايات سكانياً وبأكبر المدن.
وهكذا، استطاعت المعارضة المحافظة على ما كانت قد أنقذته (زوليا النفطية ونويفا إسبارتا السياحية) من طوفان عام 2006، عندما خطف تشافيز كل المحافظات تقريباً. وأضافت إلى رصيدها ثلاث ولايات منها، ميراندا التي تشمل جزءاً من العاصمة، وبلدية كاراكاس إضافة إلى ماراكايبو. وكرّست الانتخابات الأخيرة عودة المعارضة إلى المؤسسات. وفرض مستوى المشاركة القياسي، التي تخطّت 65 في المئة، تمديد الاقتراع ساعات طويلة.
أكثر من ذلك، ألحق الناخبون بالـ«كوماندانتي» أول هزيمة في الصناديق. ولم يكن هؤلاء فقط من المعارضين الذين قاطعوا في عام 2006، بل أيضاً الناخبون «التشافيزيون»، الذين قاطعوا استفتاء زعيمهم على البقاء الأبدي في السلطة. جزء منهم عاد إلى تشافيز، وجزء آخر إلى «المنشقيّن» عنه، الذين لم ينجحوا في أي محافظة، مع أنهم نافسوا بشدة في محافظة باريناس، مقر عائلة تشافيز، التي سيحكمها بعد والده شقيقه آدم.
الفائز الآخر، بعد المعارضة، هو الحزب الاشتراكي الموحّد، الذي تأسس قبل سنة ونصف السنة، ونجح في الوقوف على قدميه بعد «إذلال» الاستفتاء الدستوري، وخرج من استحقاق الأحد بوصفه «أول حزب» في فنزويلا.
لم تكن الانتخابات سهلة على تشافيز: الأمن والتموين والتضخّم والفساد والإدارة السيئة، كلها مواضيع محلية بامتياز وتسمِّم حياة الناس وتطحن صبرهم. من هنا، تدخّل تشافيز الفجّ والعسكري في الحملة الانتخابية. مع أنه استبدله بتصريح هادئ قبل بدء العمليات الانتخابية يسلّم به سلفاً بجميع الفائزين، وهنأ خصومه فوراً بعد صدور النتائج وهو يحمل بيده كتاباً أزرق صغيراً يمثّل الدستور البوليفاري.
غير أن المعارضة تخشى أن يلجأ تشافيز مجدداً إلى تعديل الدستور للترشّح لولايات أخرى، بواسطة مبادرة تصدر عن مجلس النواب هذه المرة، حيث يتمتع بأكثرية ساحقة. وما هو مشجّع في المقابل، أن الرئيس، ما زال يتمتع بشعبية واضحة، لزعامته وضمن الكتاب الأزرق على الأقل، يبقى له أربع سنوات لاختيار خلف له بالقميص الأحمر.