فاز باراك أوباما بانتخابات تاريخية بفارق قياسي بسبب «التغيير». الآن، ومع اختياره لهيلاري كلينتون لوزارة الخارجية، تدور تساؤلات عن سبب هذا الاختيار، في ظل تعارض الرؤى بينهما، ما يؤشّر إلى سياسة «ترغيب وترهيب» خارجيّة يسعى أوباما إلى اعتمادها
شهيرة سلّوم
قريباً يعلن الرئيس المنتخب باراك أوباما رسمياً ترشيح هيلاري كلينتون لوزارة الخارجية، رغم أن الثنائي يختلف في الملفات الخارجية، وتحديداً في كيفية التعاطي مع النظام الإيراني، ما يرجّح أن تعتمد الإدارة المقبلة دبلوماسية ممزوجة من التوجّهين تتخذ شكل الترغيب والترهيب.

استعادة المكانة العالمية

وخاض الديموقراطيون حملتهم الانتخابية على أساس انتقاد السياسة الأُحادية المفرطة للإدارة السابقة. ولا خلاف هنا بين أوباما وهيلاري بشأن أهمية استعادة المكانة العالمية لأميركا. قالت هيلاري إبان الانتخابات إن الإدارة «تصرّفت بأحادية بدلاً من التعاون الدولي، وصنعت أعداءً جدداً بدلاً من تحويل الأعداء إلى حلفاء».
ورغم انتقادها لهذه «الأحادية» فإنّها تبقى خياراً «لحماية أمننا وتفادي حدوث مأساة». لذلك لن تتردد في استخدام القوة من أجل حماية الأميركيين. وفي هذا تبدو أكثر تشدداً من أوباما الذي يترك استخدام القوة كآخر الملاذات، وحيث «التهديد المباشر على الأمن الأميركي».

العراق

كلاهما يعتقد أنها حرب حوّلت الجهود والموارد عن أفغانستان و«القاعدة». خلال حملتها الانتخابية، تعهدت هيلاري أن تُعيد القوات إلى البلاد في غضون 60 يوماً من تسلّمها الإدارة، وإدخال وحدات خاصة لملاحقة الجماعات الإرهابية، وتوفير أمن القوات الأميركية الباقية، و«المحافظة على الديموقراطية الناشئة» في المنطقة الكردية، وتدريب القوات الأمنية العراقية.
أما أوباما، فقد أكد أنه سيسحب القوات طبقاً لجدول زمني يستغرق 16 شهراً من توليه الرئاسة، وسيفرض حلاً سياسياً لا عسكريا بين السنة والشيعة. ورفض رفضاً قاطعاً ترك قواعد دائمة في العراق، لكن ذلك لا يمنع من إبقاء قوات لحماية الموظفين، والعمل على تدريب الجيش العراقي واستئصال القاعدة.

سوريا

يتفق كلاهما على ضرورة إشراك سوريا وإيران في المحادثات بشأن العراق، لأن «عراقاً مستقراً» يصب في مصلحة الدول المجاورة لأنه يُبعد شبح الحرب الأهلية عنها. لذلك يُرجح أن تنفتح الإدارة المقبلة على دمشق من أجل إشراكها في حل أزمات المنطقة من العراق وإيران ولبنان حتى الأراضي المحتلة.
ويقول أوباما إن الدبلوماسية التي تصاحبها الضغوط يمكن أن تأتي ثمارها مع سوريا كي تتخلى عن أجندتها «الجذرية» بأخرى معتدلة ما «يسمح لها بالمساعدة على استقرار العراق، وعزل إيران، وتحرير لبنان من نظام دمشق، وضمان أمن اسرائيل».

إيران

الخلاف يبرز في طرح أوباما للحوار مع «الدول المارقة»، ومن ضمنها سوريا وإيران، وهو ما انتقدته هيلاري على الدوام. فقد أبدت هيلاري حزماً أكثر تجاه إيران و«تهديداتها لإسرائيل» وصلت إلى حدّ التهديد بمحوها عن الخريطة. ورغم أنها عارضت توجيه أي ضربة عسكرية لإيران من دون موافقة مسبقة من الكونغرس، فهي أيدت العقوبات ضد طهران، ووافقت على تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية.
كما يبرز موقفها المتشدد في انتقادها لأوباما، الذي أعلن عزمه على محاورة أعداء أميركا، رغم أنه عاد وعدّل موقفه بإضافة «وفق المكان والزمان اللذين أحددهما». فلقد رأى أن التعامل مع ألدّ أعداء واشنطن يكون من خلال «الدبلوماسية القاسية الفكر» المدعومة بعناصر القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية.

السلام

ربما سيكون ملف السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي الأكثر جدارة باهتمام الثنائي. إذ وعد أوباما بجعل مسألة السلام في صلب اهتمامه، وسط أنباء عن وعده للرئيس الفلسطيني محمود عباس، بإعطاء دفع لعملية السلام والضغط على إسرائيل من أجل تبني مبادرة السلام العربية. أما هيلاري، فإن سارت على خطى زوجها بيل كلينتون، الذي ألح، عبر جهود دبلوماسية وشخصية، على حل النزاع الإسرائيلي ــ الفلسطيني، يُتوقع أن تشهد عملية السلام في المنطقة تطورات، رغم المواقف الملتبسة لهيلاري من هذا الصراع، بينها مساندتها لقيام دولة فلسطينية مستقلة، ثم إعلانها تأييدها لاعتبار القدس المحتلة عاصمة أبدية لإسرائيل ومطالبتها بنقل السفارة إليها، طمعاً بكسب أصوات اليهود لانتخابات مجلس الشيوخ.