برلين ـ غسان أبو حمداحتفلت ألمانيا الاتحادية، أمس، بعيد وحدتها هذا العام تحت عنوان «ألمانيا: وحدة الحضارات». واختيرت مدينة هامبورغ، التي توّجتها زينة ذكرى العيد، مكاناً للاحتفال السياسي والشعبي المركزي، بينما تحوّلت ساحات المدن الكبرى في جميع الولايات الألمانية إلى مكان لإقامة سلسلة من الاحتفالات والعروض الفنية تحت عنوان «ألمانيا في سن الرشد»، مع دخول سنوات الوحدة عامها الثامن عشر.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن «وحدة البلاد تنضج بهدوء، وبات لدينا جيل ألماني جديد لم يعش ذكرى التقسيم وارتفاع الجدران». بينما أشاد الرئيس الألماني، هورست كولر، في كلمته المركزية، «بالجهود المضنية والمشتركة التي بذلها الشعب الألماني في القسمين الشرقي والغربي»، مشيراً إلى أن «تنفيذ بعض المشاريع الوحدوية جرى ببطء، لكن الكثير قد تحقق خلال السنوات الثماني عشرة، عمر هذه الوحدة».
وقال كولر، في القداس الاحتفالي المركزي، «لقد عشت شخصياً أيام الوحدة وصعوبات المشاريع ومتطلبات تنفيذها، كما كان من الصعب اتخاذ أي قرار في السنوات الأولى. ألمانيا هي اليوم أمة وحدة الحضارات. الشاعر غوته ينتمي إلى مدينة فايمار كما ينتمي إلى مدينة فرانكفورت».
ولم تخلُ فرحة العيد من بعض التظاهرات الشعبية المرّخص لها، التي امتدت على طول الطريق المؤدية إلى الاحتفال المركزي، حيث رفعت خلالها شعارات تطالب بتطبيق المزيد من الضمانات ومكافحة البطالة. وطوقت قوات الشرطة التظاهرات تفادياً لوقوع أعمال شغب قد تعكر فرحة العيد. وقال الناطق باسم شرطة هامبورغ، إن «التظاهرات كانت مسالمة ولم يقع أي تعكير للأجواء». فيما أوضح الناطق باسم المتظاهرين أنه «ليس لدينا أي رغبة في تعكير الأجواء. نحن نعيش أيضاً فرحة العيد، لكن نرغب في الوقت ذاته بنقل مطالبنا».
هكذا بدت مدينة هامبورغ في يوم العيد في أحلى وأبهى زينة، حيث شهدت سباقاً لليخوت السريعة، وارتفعت في ساحاتها المنصات والمنابر الواسعة التي أقيمت عليها احتفالات بطقوس فولكلورية، وأغان ورقصات تحمل دلالات مميزة لكل ولاية من الولايات الألمانية الستّ عشرة.
وتجدر الإشارة إلى أن أول اتفاق عُقد بين الولايات الألمانية قبل أيام من يوم العيد، وهو يقضي برفع مئة شارة بين شرقي ألمانيا وغربها، تذكّر الجيل الجديد والسيّاح الأجانب بـ«هوية الولاية قبل الوحدة»، إضافة إلى «وضع شارات تدل على مكان قيام جدران التقسيم، وبعض المعلومات التاريخية التي عاشها المواطنون الألمان نتيجة التقسيم، منها محاولات الفرار والتسلل، وحوادث أمنية أخرى».
وفي العاصمة برلين، في ساحة «ألكسندر بلاتس» في القطاع الشرقي للمدينة، أقيمت أيضاً المنابر والعروض والرقصات الفولكلورية، التي قدمتها فرق من الولايات الغربية سابقاً، وتحديداً ولاية بافاريا اليمينية المحافظة. وكان الملصق الوحدوي المركزي يحمل صورة شخصيتين، الأولى باللون الأحمر والثانية بالأخضر، وهما تتبادلان الأنخاب بفرحة العيد. بينما ذهب البعض إلى توزيع مناشير حملت بعض الإنجازات التي جرى تحقيقها في المناطق الشرقية من برلين. وأشار البعض الآخر إلى «الأحقاد السياسية الدفينة، التي نفذت من الشطر الغربي لبرلين ضد الشرقي اليساري، منها هدم مجلس النواب الحكومي المركزي لألمانيا الديموقراطية سابقاً، ونقل التماثيل التي كانت في الساحات الشرقية، التي ترمز إلى معان يسارية، كالشخصيات الشيوعية والعمالية».
وبالعودة إلى المراحل التاريخية لقيام الوحدة الألمانية، يذكر أن توحيد المانيا عام 1990، كان نتيجة التحولات السياسية الجذرية في الاتحاد السوفياتي السابق.