واشنطن ــ محمد سعيدتحتدم المنافسة في الانتخابات الرئاسية الأميركية مع اقتراب موعد المعركة النهائية في الرابع من الشهر المقبل، فشنّ المعسكر الجمهوري هجوماً مزدوجاً على المرشح الديموقراطي باراك أوباما، الذي أبرز تفوقه في استطلاعات الرأي في عدد من الولايات «الحاسمة»، فضلاً عن إعلان بعض رموز العسكر والاستخبارات في إسرائيل تأييدهم له، ما من شأنه أن يعطيه زخماً في أوساط الناخبين اليهود. ويُتوقع أن تُترجم حماوة الحملة الرئاسية في المناظرة بين المرشحين الرئاسيين التي ستجري في ناشفيل بولاية تنيسي غداً.
وهاجمت المرشحة لمنصب نائب رئيس على البطاقة الجمهورية، سارة بالين، أوباما واتهمته بـ«مصادقة الإرهابيين». وقالت في حفل لجمع التبرعات في ولاية كولورادو، أول من أمس، إن أوباما شخص يرى «أميركا مليئة بالعيوب، بما يكفي لمصادقة الإرهابيين الذين يستهدفون هذا البلد»، مضيفة «أنه رجل لا يرى أميركا كما ترونها أنتم أو كما نراها نحن». وأشارت إلى أن المتبرعين الذين اصطفوا لتحيتها، حثوها على تشديد الخطاب ضدّ أوباما، وأن أحد مساعديها قال لها إنه «حان وقت خلع القفازات والنيل منه».
وكانت بالين تشير إلى تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» عن صداقة أوباما في الماضي لأستاذ التربية في جامعة إلينوي في شيكاغو، ويليام آيرز، أحد مؤسسي جماعة «ويذر أندر غراوند» في الستينيات التي ادعت مسؤوليتها عن التفجيرات التي حدثت في مبنى البنتاغون والكونغرس احتجاجاً على حرب فيتنام، وحينها لم يكن أوباما يتجاوز الثامنة من عمره.
وكان أوباما (47 عاماً) وآيرز (63 عاماً)، اللذان يعيشان في منطقة هايد بارك في شيكاغو، قد شاركا معاً في عضوية مجلس إدارة صندوق «وودز» الخيري، إلا أنّ أوباما ما لبث أن ترك مجلس الإدارة عام 2002. وأكّدت «نيويورك تايمز» أنّه تبين أن أوباما لم يكن يوماً متعاطفاً مع آراء آيرز الراديكالية أو أفعاله في الماضي، وأنّه قال عنه ذات مرة إنه تورط منذ 40 عاماً في تصرفات تبعث على الاشمئزاز.
أما المرشح الجمهوري، جون ماكاين، فاتهم خصمه الديموقراطي بـ«الكذب» في ما يتعلّق بوعود قطعها لإصلاح نظام الرعاية الصحية. وأتى الاتهام على خلفية التصريح الذي أدلى به أوباما أمام نحو 18 ألفاً من أنصاره في نيوبورت في ولاية فيرجينيا الجمعة الجمعة وقال فيه إنّ ماكاين سيمنحهم إعفاءات ضريبية بيد، وسيرفع عليهم الضرائب باليد الأخرى. فردّ المتحدث باسم ماكاين، تاكر باوندس، بالقول إنّ «باراك أوباما يكذب على الناخبين، إنه كذب صريح».
وردّت حملة أوباما على هجمات المعسكر الجمهوري عبر التقليل من شأنها واعتبارها ردّ فعل طبيعياً على تقدّم مرشحهم. ورأى القائمون على الحملة أن تصريحات بالين بمثابة إهانة، إلا أنهم لم يندهشوا حيث «إن هذا شيء متوقع في ظل تقدّم أوباما على ماكين». وقال المتحدث، هاري سيفوغان: «ماكاين وبالين آثرا أن يمضيا وقتهما في تشويه أوباما ومحاولة تدميره، بدلاً من أن يشغلا أنفسهما بالتفكير في الأزمة الاقتصادية». ويتوقع أن تتسم المناظرة الثانية بين ماكاين وأوباما غداً بالسخونة الشديدة، وربما تخللتها هجمات قد تتجاوز حدود اللياقة في ظل هذا التوتر الذي أصبح يخيّم على أجواء الحملة.
هذا وأشارت استطلاعات الرأي إلى تقدّم أوباما على ماكاين، بما يتراوح بين 5 إلى 8 نقاط، وخصوصاً في الولايات المتنازع عليها، فضلاً عن عدد من الولايات المعروفة تقليداً بتصويتها للجمهورييين، مثل فيرجينيا، كولورادو، أوهايو، فلوريدا، ميزوري وإنديانا.
في المقابل، يبدو أنّ رياح أوباما باتت منعشة لتل أبيب، فقد نقلت صحيفة «جيروزالم بوست» عن القائد السابق لدائرة التخطيط الاستراتيجي الجنرال المتقاعد، شلومو بروم، قوله إن نظام الرئيس الأميركي جورج بوش سبب أضراراً كبيرة لمصلحة إسرائيل، وبالتالي فإنّ أوباما سيكون رئيساً أميركياً أفضل بالنسبة إلى إسرائيل من ماكاين الذي ستكون سياساته على الأرجح «شبيهة بسياسات بوش».
كذلك رأى أحد كبار المسؤولين السابقين في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» يوسي ألفر أن ماكاين سيحافظ على نفس موقف بوش «الفاشل» والذي قوّى بحسب قوله عناصر التطرّف الإسلامي، بمن فيهم «حماس» وحركة الجهاد الإسلامي، وأعرب عن حماسته لأوباما كي يجلب مقاربة جديدة لقضايا المنطقة.
أما الرئيس السابق للموساد، أفرايم هاليفي، فتحدّث بعطف كبير عن المرشح الديموقراطي، قائلاً إنه «جلب معه نسمة هواء منعشة جديدة إلى واشنطن»، واصفاً إياه بالـ«اللافت والمتحدث الرائع»، فيما رأى العقيد المتقاعد شاوول أريلي أن أوباما هو الشخص الأفضل لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع العالم العربي وإسرائيل وجلب الاستقرار إلى المنطقة.