تنتهي اليوم المهلة التي حدّدها الرئيس الأوكراني فيكتور يوتشينكو لتشكيل ائتلاف حكومي جديد، في ظل غياب أي بوادر لحلحلة الأزمة التي باتت تقليداً سنوياً، ما قد يستدعي الدعوة إلى انتخابات مبكرة ليست في مصلحة السلطة أو المعارضة، الأمر الذي سيعيد خلط الأوراق من جديد
موسكو ــ حبيب فوعاني
أعلن الرئيس الأوكراني فيكتور يوتشينكو، تاريخ اليوم، حدّاً أقصى لتشكيل البرلمان الأوكراني ائتلافاً يحصد الغالبية الدستورية. أما البديل، فهو الخوض مجدداً في مسلسل الانتخابات المبكرة، وخصوصاً بعد تلميح الرئيس بحقه الدستوري في حل البرلمان بعد مرور ثلاثين يوماً على انسحاب التكتل الموالي له، والمؤلف من حزبي «أوكرانيا لنا» و«الدفاع الشعبي»، من ائتلاف الغالبية البرلمانية، الذي يضم تكتل رئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو «بيوت»، وعدم تشكيل ائتلاف جديد حتى الآن.
يوتشينكو لوّح بإعلان موعد لانتخابات برلمانية مبكرة، ستكون الثالثة في عهد الرئيس، لتتحول هذه الخطوة إلى تقليد سنوي. ومن البديهي القول إن انسحاب التكتل الموالي للرئيس من الائتلاف مع تيموتشينكو، وضع أوكرانيا مرة أخرى في مأزق سياسي لا مخرج منه. فالقوتان السياسيتان الأساسيتان في كييف، تكتل تيموشينكو وحزب الأقاليم، لم يتوصلا حتى الآن إلى اتفاق على تشكيل ائتلاف جديد. في وقت يتشكّك فيه المراقبون في إمكان اتفاق فيكتور يانوكوفيتش، الموالي لموسكو، وتيموتشينكو، إذ تفرّق بينهما أشياء كثيرة، ليس آخرها أن رئيسة الوزراء تمثل مصالح المستوردين من رجال الأعمال، فيما يمثل يانوكوفيتش مصالح المصدّرين. وكلاهما لن يرضى بأقل من رئاسة الوزراء منصباً.
كذلك فإن عودة تيموتشينكو للتحالف مع يوتشينكو تبدو صعبة. فالأميرة البرتقالية ترى أن الضجة التي يثيرها الرئيس حول مرابطة أسطول البحر الأسود الروسي في شبه جزيرة القرم الأوكرانية، «لا تساعد على استقرار الأوضاع في أوكرانيا». فيما استخدم يوتشينكو ورقة التهويل بخطورة موسكو، مؤيداً صديقه الرئيس الجورجي ميخائيل سكاشفيلي في أحداث القوقاز.
ليس الموقف من نزاع القوقاز هو ما يفرّق «الأصدقاء الألداء». كما لا يمكن اعتبار «الأميرة البرتقالية» حليفة لموسكو، رغم تبادل رسائل الود. فهي لاعب سياسي ماهر تبدّل حلفاءها كفساتينها، واستطاعت استبدال صداقتها لواشنطن ببرلين وباريس. فيما يصرّ يوتشينكو على عداء موسكو، ما يجعل المراقبين الأوكرانيين يتوجسّون شراً حين يرون مكاتب السفارة الأميركية مضاءة في كييف ليلاً، لأن ذلك يعني أن أوكرانيا مقبلة على أزمة سياسية جديدة.
إلا أن حلّ البرلمان وإجراء انتخابات، لا يصبّ في مصلحة «الأميرة البرتقالية»، رغم تأكيد آخر استطلاع للرأي تأييد نحو تسعة عشر في المئة من الناخبين لها. كما أنها ليست في مصلحة يانوكوفيتش أو يوتشينكو، لانخفاض شعبيتهما.
لذلك، ووفقاً للمراقبين الأوكرانيين، يعوّل الرئيس على فرض حكم رئاسي مباشر، واحتكار السلطة في البلاد إلى حين انتخاب برلمان جديد ومحاولة تغيير المعادلات على الأرض. وذكرت صحيفة «ديلو» الأوكرانية، أن «يوتشينكو ينوي تعيين موعد للانتخابات الجديدة في عطلة عيد الميلاد في أوكرانيا (7 كانون الثاني 2009 حسب التقويم الشرقي)، حين سيكون الإقبال على الاقتراع ضئيلاً، ما يمكن استخدامه حجة لإلغاء الانتخابات وبقائه على رأس السلطة لينفرد بالحكم».
ويرى نائب رئيس معهد رابطة الدول المستقلة، فلاديمير جاريخين، أن «يوتشينكو يسعى لتمديد الأزمة حتى رأس السنة، ليحل البرد ويحين موعد المفاوضات مع روسيا حول سعر الغاز المصدّر إلى أوكرانيا، فتسقط الحاجة إلى الديموقراطية وتبدأ الدعوات إلى الحكم الرئاسي المباشر».
لذلك أسرعت تيموتشينكو الخميس الماضي إلى موسكو لانتزاع هذه الورقة من يد يوتشينكو، ووقّعت مع بوتين مذكرة تفاهم حول توريد الغاز الروسي إلى أوكرانيا لعام 2009. ومع أن سعر الغاز لم يرد في المذكرة، إلا أنه لا يمكن أن يصل إلى خمسمئة دولار لكل ألف متر مكعب كما يباع الآن لأوروبا، ولن يزيد على 400 دولار.
تيموتشينكو أكدت أن بلادها، التي انضمت إلى منظمة التجارة العالمية، ستدعم انضمام روسيا إلىها، واعتبرت موسكو «حليفاً استراتيجياً» لكييف. أما موسكو، فيبدو أن رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، قد حسم الأمر، وأصدر حكمه الشخصي في هذه القضية. إذ قال لدى استقباله تيموتشينكو، «قبل أشهر معدودة لم يدر في رأس أحد أن يتحارب الروس والأوكرانيون، لكن ذلك حصل. والرجل (يوتشينكو)، الذي فعل ذلك، ارتكب خطأً جسيماً».