في المناظرة الرئاسية الثانية، هاجم جون ماكاين خصمه باراك أوباما بقوّة، لكن من دون أن يتمكّن من تغيير قواعد اللعبة، ما يرجّح أن تكون المناظرة الثالثة التي ستجري الأسبوع المقبل أكثر ضراوة
واشنطن ــ محمد سعيد
تصدّرت الأزمة الاقتصادية والمالية الأميركية الراهنة نقاط المناظرة الثانية بين مرشحي الرئاسة: الديموقراطي باراك أوباما والجمهوري جون ماكاين، التي جرت أول من أمس في جامعة بيلمونت في مدينة ناشفيل في ولاية تينيسي، إضافة إلى السياسة الخارجية، ولا سيما حماية الحليفة إسرائيل من «البعبع» الإيراني. ويبدو أنّ أوباما تفوّق في المناظرة على خصمه، إذ أظهر استطلاع أجرته شبكة «سي أن أن» أن 54 في المئة ممن شاهدوا المناظرة قالوا إن أوباما تفوّق، فيما قال 30 في المئة إن المرشح الجمهوري كان الأفضل. وهاجم كل مرشح برنامج الآخر وشكّك في صدقيّته، فحاول أوباما أن يركّز على ربط ماكاين بسياسات الرئيس جورج بوش «الفاشلة»، فيما سعى المرشح الجمهوري إلى إظهار نفسه بصورة الإصلاحي الثابت.

الاقتصاد

اعتبر المرشح الديموقراطي أنّ الأزمة الاقتصادية، التي أسهمت في تقدّمه باستطلاعات الرأي، هي نتيجة السياسات الاقتصادية الفاشلة التي تبناها بوش ودعمها ماكاين على مدى السنوات الثماني الماضية.
في المقابل، حاول ماكاين أن يجد مخرجاً من المأزق الذي يخيّم كالشبح على حملته، فتعهد تخصيص 300 مليار دولار لشراء القروض العقارية الأميركية المتعثرة، موضحاً أنّه سيقتطع هذا المبلغ من الـ 700 مليار دولار التي أقرّها الكونغرس. وأشار إلى أن هذا هو اقتراحه لا اقتراح بوش أو أوباما، مضيفاً إنّه سيأمر وزير الخزانة بشراء هذه القروض فوراً وإعادة التفاوض بشأن القيمة الجديدة لهذه المنازل ويعيد بيعها لأصحابها بسعرها الجديد حتى يتسنى لهم استئناف دفع أقساطهم والاحتفاظ بمنازلهم. وشدّد على أهمية معالجة الأزمة الاقتصادية لجهة الدور الأميركي في العالم، مشيراً إلى أنّ التاريخ يشهد على أن القوة العسكرية تتطلب قوة اقتصادية.
وفي مسألة التأمين الصحي، هاجم كل من المرشحين خطة الآخر، فحذّر أوباما مجدّداً من أن ما سيمنحه ماكاين بيد سيسترده باليد الأخرى من خلال الضرائب، فيما حذّر الأخير من أن أوباما سيفرض غرامة على كل أميركي لا يشترك في برنامج للتأمين الصحي.
كما احتل الاحتباس الحراري حيّزاً من المناظرة، فتبرأ ماكاين من موقف إدارة بوش من الظاهرة. وقال «أنا على خلاف عميق مع إدارة بوش في هذا الموضوع، وأفضل وسيلة لحل هذه المسألة؟ الطاقة النووية». أما أوباما، فاعتبر أنّ هذه القضية هي «أكبر تحدّ في عصرنا»، مضيفاً «لا يمكننا الخروج من هذه المشكلة عبر حفر المزيد من آبار النفط».

السياسة الخارجية

حاول المرشحان تسليط الضوء على نقاط ضعف كل منها في السياسة الخارجية، إلاّ أنّهما تسابقا على إبداء حبّهما لإسرائيل. فجدّد ماكاين انتقاده لخبرة أوباما القصيرة التي لا تؤهله لفهم التحديات التي يواجهها الأمن القومي. فردّ عليه أوباما قائلاً «ماكاين يكرّر مرّة أخرى أنه (أوباما) لا يفهم»، مضيفاً «هناك بالفعل أشياء لا أفهمها، مثل كيف انتهى بنا الأمر إلى غزو بلد لا علاقة له بهجمات 11 أيلول، بينما كان أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة يقيمان معسكرات وملاذاً آمناً لتدريب الإرهابيين». وفي حماية الدولة العبرية، أعرب ماكاين عن استعداده لمدّ إسرائيل بقوات أميركية إذا تعرّضت لهجوم إيراني من دون أن ينتظر استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي. وقال «روسيا والصين ستمثّلان عائقاً يحول دون استصدار قرار دولي»، معتبراً أنّ «سعي إيران للحصول على أسلحة نووية شرّ مستطير والخطر العظيم على إسرائيل والشرق الأوسط كله».
أما أوباما، الذي سبق أن أبدى تحيّزاً مفرطاً لإسرائيل، فقد فاق تحيّز الإدارة الجمهورية بأضعاف، فقال إنّه لا يمكن السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي وإلا فستتغير قواعد اللعبة برمّتها في المنطقة وستهُدّد إسرائيل والمنطقة كلها. وتعهد فعل كل شيء ممكن لمنع حدوث ذلك، حتى الخيار العسكري، إلا أنّه أشار إلى استنفاد جميع الأدوات المتاحة أولاً قبل اللجوء لهذا الخيار.
وفي حرب العراق، جدّد أوباما التذكير بأنّ ماكاين كان يحمل راية التهليل للرئيس بوش ليغزو العراق، مشيراً إلى أن حكمه كان مخطئاً وباهظ الثمن. وقال «زادت تكلفة هذه الحرب عن 700 مليار دولار، وإذا استمرت على المنوال الذي يريده ماكاين، فستصل تكلفتها إلى تريليون دولار». وربط بين الأزمة الاقتصادية وحرب العراق قائلاً إن «التاريخ لا يعرف أمة ينهار اقتصادها وتحتفظ في الوقت نفسه بتفوقها العسكري».
ولم تغب موسكو عن المسرح، فهاجمها كلا الرجلين؛ أوباما قال إنها تتصرف تصرفات «آثمة» بينما تساءل ماكاين ما إذا كانت «إمبراطورية للشرّ». وتميزت المناظرة الثانية بمشاركة الأميركيين الحاضرين في توجيه أسئلتهم مباشرة للمرشحين. وستعقد المناظرة الثالثة والأخيرة بينهما في 15 من الشهر الجاري في هامبستد في نيويورك.


وحدة لحماية العرب من «مفاجأة تشرين الأول»

شكلت «اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز»، وحدة قانونية خاصة لحماية الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين في الولايات المتحدة، من أي محاولات لإضعاف حقهم بالتصويت فى الانتخابات ردّاً على أساليب الترهيب المستخدمة لنشر الكراهية والعداء ضدّهم. وذكرت اللجنة، في بيان لها، بأنّها خصصت ثلاثة محامين للعمل على مدار شهر كامل ضمن قسم الشؤون القانونية التابع للجنة في واشنطن، إضافة إلى محام آخر للعمل في مدينة «ديربورن» في ولاية «ميتشيغين» التي تضم عدداً كبيراً من الأميركيين العرب.
وأوضحت اللجنة أنّ العرب الأميركيين عادة ما يجري استهدافهم خلال الشهر الأخير من الحملات الانتخابية، ويطلق على ما يحصل «مفاجأة تشرين الأول» بحيث إن ما يحدث في هذا الشهر قد يؤدي إلى تغيير مسار الانتخابات في بعض الولايات، بترجيح كفة مرشح على آخر، وخصوصاً في الولايات الست الحاسمة التي من بينها أوهايو وميتشيغين وبنسلفانيا وفلوريدا، حيث تتميز بحضور ملموس للناخبين العرب الأميركيين.
ولفتت اللجنة إلى أنّ قرار إنشاء الوحدة القانونية الجديدة جاء في أعقاب قيام منظمة أميركية يمينية بحملة لتوزيع فيلم وثائقي معاد للمسلمين يحمل عنوان «حرب الإسلام الراديكالي على الغرب» بهدف التأثير على الناخبين الأميركيين، ولا سيما أولئك الذين لم يحسموا رأيهم بعد. كما تتزامن هذه الحملة مع قرار وزير العدل الأميركي مايكل موكاسي بتخويل مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» استجواب أفراد أو جماعات لمجرد الاشتباه بهم، من دون الحاجة إلى تقديم دليل ضدّهم.