اتفاق «عدم اعتداء» بين منظمة التحرير وإيطاليا في السبعينيّات، يشبهه اليوم ما بين روما وحزب الله أعلن الرئيس الإيطالي الأسبق، فرانشيسكو كوسيجا، في مقابلة مطوّلة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أنّ «السلطات الإيطالية تعاونت مع منظمة التحرير الفلسطينية في ثمانينيات القرن الماضي ضمن اتفاق مورو، الذي تم الاتفاق بموجبه ألّا تضرب المنظمة الفلسطينية، في ذلك الوقت، أهدافاً إيطالية، على أن تتعهد روما بعدم التعرض للمنظمة ونشاطاتها».
واعترف كوسيجا، الذي وصفته الصحيفة بأنه «محبّ لإسرائيل»، بأن «هناك اتفاقاً مشابهاً اليوم بين السلطات الإيطالية وحزب الله في جنوب لبنان». وأضاف «أستطيع أن أؤكد أن هناك سياسة مشابهة، واتفاقاً بين إيطاليا وحزب الله تغضّ بموجبه قوات اليونيفيل الطرف عن مسيرة تسلّح حزب الله ما لم تحدث عمليات ضد عناصرها». وتابع «إذا أرادوا التحقيق معي، فسأشهد أمام القضاة أن الحديث يجري عن أسرار دولة، وأنا لست مجبراً على تسليم المصادر».
وفي تفصيل الاتفاق بين إيطاليا ومنظمة التحرير، أوضح كوسيجا أنه «في مقابل منحهم الحرية في إيطاليا، تعهّد الفلسطينيون بأمن دولتنا والأهداف الإيطالية خارج حدود الدولة من عمليات الإرهاب، شرط ألا تتعاون روما مع دولة إسرائيل»، موضحاً أنه «من أجل تجنّّب الإشكالات، اتّبعت إيطاليا هذه السياسة». وأضاف «وبما أن العرب كانوا مستعدّين لمضايقة الإيطاليين أكثر من الأميركيين، خضعت إيطاليا لهم».
وقالت الصحيفة إن كوسيجا كشف للمرة الأولى عن علاقات المنظمات الفلسطينية مع إيطاليا في عام 1976، عندما شغل منصب وزير الداخلية إذ قال: «أبلغوني بأن عناصر المنظمة يمتلكون في بيوتهم أسلحة ثقيلة وكانوا محصّنين بحصانة دبلوماسية».
وأشارت الصحيفة إلى أنه في مرحلة متأخرة بين عامي 1970 و1980، تبيّنت الصورة بوضوح عندما بدأ كوسيجا يشغل منصب رئيس الوزراء. وقال «خلال ولايتي، أوقفت دورية شرطة شاحنة على مقربة من مدينة أورتا، لفحص تقليدي. وقد فوجئ رجال الشرطة عندما وجدوا فيها صاروخ أرض ـــــ جو، وصل إلى بلادنا بواسطة البحر».
وقال كوسيجا إنه «بعد أيام، فهم من خلال مصدر في جهاز منظومة الاستخبارات الإيطالية، أن هناك تعليمات وصلت إلى سكرتير الحكومة بإعادة الصاروخ للفلسطينيين». وأضاف أنه «في برقية من بيروت كُتب: وفقاً للاتفاق، فإن الصاروخ لم يكن معدّاً لعملية في إيطاليا. وطلب مني إعادته وتحرير المعتقلين».
وتابع كوسيجا أنه «مع مرور الأيام، سألت نفسي عن ذلك الاتفاق المحكي عنه في البرقية. كل محاولاتي للتحقيق داخل أجهزة التجسّس ووجهت بصمت صارخ. وكل ما في الموضوع أن ألدو مورو كان أيقونة في الأجهزة السرية. وأنا أعرف ثلاثة سياسيين من الدولة عرفوا كيف يستغلون الأجهزة السرية منذ إقامة الجمهورية حتى يوم شغلي منصب الرئيس: مؤسّسو الأجهزة، أنا، وألدو مورو. الناس أقسموا له الولاء، وحافظوا على هذا حتى بعد نهاية خدمتهم». يذكر أن ألدو مورو كان زعيم الحزب «الديموقراطي المسيحي» وتولى رئاسة الحكومة مرات عديدة. وبينما كان العالم في أوج الحرب الباردة، حاول التقارب مع الشيوعيين الذين يمثلون ثلاثين في المئة من الناخبين الإيطاليين. اختطفته «الألوية الحمراء» في 16 آذار 1978، وعثر عليه مقتولاً في التاسع من أيار من السنة نفسها.
(الأخبار)