Strong>تدريبات «الثبات 2008» تستنفر القوّات الروسيّة والجيوش الحليفةبدأ الحديث عن استكمال الحربين العالميتين الأولى والثانية يتسلّل إلى ألسنة السياسيين والعسكريين في الدول الكبرى. روسيا أعلنت إجراء تدريبات عسكرية استعداداً لاحتمال اندلاع حرب نووية مع الغرب. إعلان لا يتعدّى كونه رسالة لحجم القوة العسكرية الروسية، وجدّيتها في التهديد

ربى أبو عمّو
تستعدّ روسيا الاتحادية اليوم لحرب نووية مع الغرب، الذي تمثّله الولايات المتحدة ودول حلف شمالي الأطلسي. استعدادات وتدريبات، قد تشي، للوهلة الأولى، بأن الحرب الباردة قد قفزت عن مراحلها لتصل إلى ساعة الحرب العالمية الثالثة، وخصوصاً أن التحضير الروسي لسيناريو هذه الحرب، صادف بتوقيته ما بعد انتهاء الحرب الروسية ـــــ الجورجية في آب الماضي.
السيناريو هو حرب نوويّة غربية ـــــ روسية. في أوائل أيلول الماضي، باشر الجيش الروسي تدريبات استراتيجية توصف عسكرياً بأنها «معقّدة وواسعة النطاق»، لم تشهدها البلاد خلال العشرين سنة الماضية، بحسب قائد القوات البرية فلاديمير بولديريف، الذي أطلق عليها اسم «الثبات 2008».
جرى التخطيط لهذه العملية لتنفّذ على أربع مراحل، وتستمر 74 يوماً. وكان الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف قد أعلن في وقت سابق أن هذه العملية تضم 47000 جندي، و134 قائداً للقوات، ونحو 7300 وحدة من الآليات العسكرية الثقيلة. واعتبرت الأوساط العسكرية الروسية ذلك بمثابة تحضير مباشر لجميع الأجهزة الأمنية والعسكرية، لمواجهة أيّ حرب نووية محتملة والتدرب على «تأمين الجهوزية المباشرة للقوات العسكرية للانتصار في أي حرب مقبلة، وحماية الاستقرار الاستراتيجي».
تشارك في هذه التدريبات جميع قوات الردع النووية، البحرية والجوية والبرية، الموجودة في بحر البلطيق، إضافة إلى أساطيل الشمال والمحيط الهادئ. كذلك جرى تفعيل المناطق العسكرية في الشرق الأقصى، وتضم أربع وحدات من سلاح الجو والقوات المضادة للطائرات، ومهمتها الدفاع عن موسكو والمناطق المركزية، على أن يتم ذلك ضمن مناورات واسعة النطاق.
كذلك تمت الاستعانة بقوات المظلّيّين والجسم الفدرالي التنفيذي، الذي يضمّ كلاً من وزارة الداخلية والطوارئ والعدل والنقل، إضافة إلى الإدارة الاتحادية. وتشارك القوات العسكرية الحليفة في روسيا البيضاء وكازاخستان في هذه العملية.
ومن البديهي القول إن الجيش الروسي كان يخضع لتدريبات عسكرية تعادل أهمية «الثبات 2008»، من دون الإعلان عنها. إلا أن موسكو ارتأت هذه المرة، بعد النزاع مع جورجيا، إخراج قوتها العسكرية إلى العلن لإيصال رسالة إلى الغرب حول مدى جهوزية روسيا.
سيناريو الحرب المقبلة، في حال وقوعه، ستحسمه الرؤوس النووية المنطلقة من كلّ الجهات، باعتبار أن هذه الحرب ستكون «حرب إبادة». ورغم محاولات الولايات المتحدة نشر الدرع الصاروخية في كلّ من بولندا وتشيكيا للتصدي للرؤوس النووية الروسية، إلا أنها ستواجه مشكلة الرؤوس المتحركة والمتعددة. إذ تعمل موسكو على زيادة الرؤوس النووية في القنبلة الواحدة، بحيث سيعجز الغرب عن التصدي لها جميعاً.
وتدرك روسيا والولايات المتحدة أن احتمال قيام حرب عالمية ثالثة، على الأقل في الوقت القريب، هو أمر مستبعد كلياً. وتعمل واشنطن حالياً، وخصوصاً من خلال الدرع الصاروخية، على دفع روسيا إلى السير مجدداً في سباق التسلح، الأمر الذي ينهك اقتصادها ويدفعها إلى الانهيار مجدداً.
في المقابل، باتت موسكو أكثر تيقّناً للخطط الأميركية هذه، على غرار نشر الثورات الملوّنة ذات الطابع الديموقراطي في العالم، وتعمد في استراتيجيّتها العسكرية إلى تطوير معداتها العسكرية الحالية. إذ تدرك أن ترسانتها العسكرية النووية تفوق الأميركية والأطلسية مجتمعتين، لكونها لم تكن خاضعة للاستهلاك منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.
وبحسب تقديرات مجلس الدفاع الروسي، كان الاتحاد السوفياتي قبل سقوطه، يملك نحو 35000 سلاح نووي احتياطياً. أما اليوم، وبحسب نشرة علماء القنبلة النووية، تراجعت روسيا إذ بات بحوزتها نحو 14000 سلاح نووي، إلا أن حجم الاحتياطي لديها لا يزال غير دقيق.
في المقابل، تملك الولايات المتحدة اليوم 10000 سلاح نووي. وكانت إدارة الرئيس جورج بوش قد أعلنت في عام 2004، أنها قررت خفض احتياطاتها من السلاح النووي إلى النصف بحلول عام 2012. ويقول اتحاد العلماء الأميركيين إن الاحتياطي الأميركي سينخفض من 9938 سلاحاً نووياً إلى 5047 بعد أربع سنوات.
لا مؤشرات سياسية أو عسكرية أو استراتيجية باندلاع حرب عالمية ثالثة بين روسيا والغرب. إلا أن سياسة عرض العضلات لا تزال في بدايتها.