strong>«فرصة أخيرة» اليوم أمام المرشّح الجمهوريّ لتحسين وضعه الانتخابيّ إذا ما استمر الوضع على حاله في المعركة الرئاسية الأميركية، فإنّ باراك أوباما سيصنع التاريخ، ويصبح أول أميركي أسود على رأس أعتى قوّة في العالم، بعد أقلّ من 18 يوماً. لكن لا داعي للعجلة، إذ كل شيء لا يزال وارداً إذا ما قرّر «تشرين الأوّل» إطلاق «مفاجأته» المعتادة قبيل أي انتخابات

واشنطن ــ محمد سعيد
يبدو أن استراتيجية الهجوم التي اعتمدها جون ماكاين للانقضاض على خصمه في المعركة الرئاسية لم تنفعه، بل على العكس، انقلبت عليه وخدمت باراك أوباما، الذي استطاع من خلالها تعزيز موقعه الريادي في استطلاعات الرأي عشية المناظرة الثالثة والأخيرة التي تجري فجر اليوم في جامعة هوفسترا في نيويورك، والتي تمثّل للمرشح الجمهوري الفرصة الأخيرة لإنقاذ معركته.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته «نيويورك تايمز» و«سي بي أس»، نُشر أمس، أنّه بعد أسابيع من الهجمات الجمهورية القاسية على أوباما ونبش ماضيه وتسليط الضوء على ما كان يجمعه مع الراديكالي السابق وليام آيرز، انضم مؤيّدون جدد إلى حملة المرشح الديموقراطي.
وقال 6 من أصل 10 من المستطلَعين إنّ ماكاين أمضى وقتاً أطول في مهاجمة أوباما بدلاً من عرض برنامجه الرئاسي، والعدد نفسه أشار إلى أنّ أوباما كان يفعل العكس، أي كان يشرح للناخبين «ماذا سيفعل إذا انتخب رئيساً» بدلاً من المهاجمة.
وفي المجمل، ذكر الاستطلاع أنّه إذا جرت الانتخابات الآن في ظل الظروف الحالية، فإن 53 في المئة من الناخبين سيصوّتون لأوباما ونائبه جوزف بايدن، فيما سيصوّت 39 في المئة لماكاين ونائبته سارة بالين، أي بفارق 14 نقطة.
تقدّّم أوباما والحظوظ الممتازة التي يملكها أمام خصمه، يعود الفضل فيهما إلى الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعانيها البلاد، فضلاً عن غياب الثقة بالإدارة الجمهورية المتورطة في حربين خارجاً، ما يجعل من مهمة أي مرشح جمهوري للدخول إلى البيت الأبيض شبه مستحيلة. وقد أشار الاستطلاع إلى أنّ 8 من أصل 10 من الناخبين لا يثقون بالحكومة الحالية.
كذلك كشف الاستطلاع أنّ الديموقراطيين يتقدّمون بفارق 18 نقطة بين الناخبين المستقلين الذين كانوا يتأرجحون بين أوباما وماكاين من قبل، وذلك بعدما كان الأخير يتقدّم بينهم على أوباما منذ أسبوع مضى. وأشار 21 في المئة من المستطلَعين إلى أنّ رأيهم في ماكاين قد تغيّر إلى الأسوأ خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتبيّن أن السببين الرئيسيين لذلك كانا هجوم ماكاين على أوباما واختياره لسارا بالين نائبة له، التي أصبحت، كما يقول الكثير من الخبراء بمن فيهم جمهوريون، عبئاً عليه.
ويتقدّم أوباما أيضاً بين السيدات بنسبة 52 في المئة مقابل 37 في المئة لماكاين. وقد أشار 82 في المئة من الناخبين الذين صوّتوا لهيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية إلى عزمهم انتخاب أوباما، ما يعني أنّ المرشح الجمهوري خسر رهانه على هذه الفئة التي أدخل سارة بالين في المعركة الرئاسية من أجل استقطابها.
ومع حسم 80 في المئة من الناخبين لموقفهم من المرشحين، فإن هذه الاستطلاعات تشير إلى أن ماكاين سيواجه تحديات خطيرة في محاولاته سدّ الفجوة مع أوباما، بينما لم يبق على الانتخابات أكثر من ثلاثة أسابيع.
في السياق، أفادت دراسة أجرتها شبكة «إنتريد الدولية» أن المرشح الديموقراطي سيحصد 364 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي المؤلف من 538 صوتاً، في مقابل 174 صوتاً لماكاين. وتوقّعت أن يفوز أوباما بكل الولايات التي فاز بها مرشح الديموقراطيين في انتخابات عام 2004، جون كيري، إلى جانب الولايات الحاسمة (المتأرجحة) مثل أوهايو وفيرجينيا وفلوريدا وكولورادو.
وفضلاً عن التفوّق في استطلاعات الرأي، تمكّنت حملة أوباما من تسجيل ملايين الناخبين الجدد على قائمة الديموقراطيين في كل الولايات، وخصوصاً في 13 من الولايات المتأرجحة. وأشارت إلى أنها سجلت 3.34 ملايين ناخب جديد مقارنة بـ61 ألف ناخب جديد سجّلتهم الحملة الجمهورية.
أمام هذا الواقع، ستمثّل المناظرة الرئاسية الثالثة التي يديرها مقدّم برنامج «واجه الأمة»، بوب شيفر، على شبكة «سي بي أس»، الفرصة الأخيرة لماكاين، وستركز أساساً على الأزمة الاقتصاية والمالية.
ويقول رئيس المجلس النيابي السابق، الجمهوري نيوت غينغريش، إنّه يتعيّن على ماكاين التركيز على مثلث «ريد ــــ بيلوسي ــــ أوباما»، في إشارة إلى زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وإظهار «التهديد الذي يمثّلونه على الناخبين الأميركيين»، كي يعود إلى قلب المعركة. وهو يعطي أمثلة: الخطط المتعلّقة بزيادة الضرائب على المستثمرين، ما يدفعهم إلى الهروب من الأسواق الأميركية، واستخدام أموال دافعي الضرائب للدفع إلى المجموعة الليبرالية ACORN المتورّطة في عملية احتيال ضخمة تتعلّق بلوائح الناخبين.