شهيرة سلّوم«باراك أوباما على علاقة بإرهابيين». تهمة وُجّهت إلى المرشح الديموقراطي منذ بداية المعركة الرئاسية، في إشارة إلى ما جمعه يوماً بالراديكالي السابق وليام آيرز، الذي تزعّم عصابة «ويذرمن»، التي قامت بأعمال تخريبية في الستينات والسبعينات للفت النظر إلى موقفها المناهض لحرب فييتنام والإمبريالية.
استغل خصوم أوباما العلاقة التي جمعته مع أستاذ جامعة شيكاغو آيرز لتعييره والحطّ من شأنه. علاقة بدأت حين كان الرجلان يعيشان في الحي نفسه في شيكاغو لفترة، وعملا على إصلاح المنهج التعليمي في ولاية إليانوس ما سمح بلقائهما. وعام 1995، استضاف آيرز «حفل شاي» لمناسبة ترشح أوباما للمرة الأولى في الانتخابات، ثم خدم الرجلان معاً في مجموعة تعنى بمكافحة الفقر ما بين عامي 2000 و 2002. وتبرّع آيرز في نيسان 2001 بمبلغ 200 دولار لحملة أوباما الانتخابية لمجلس الشيوخ عن ولاية أليانوس.
وحين سُئل أوباما عن علاقاته بآيرز، أجاب أنه لم يره منذ أكثر من سنة ونصف سنة. ولمّا حاولت منافسته السابقة في الانتخابات التمهيدية هيلاري كلينتون زجّ اسم آيرز في المعركة، أصدرت حملة أوباما بياناً قالت فيه إن «أوباما يدين بشدّة أعمال ويذرمن العنيفة، لكنّه كان في الثامنة حين وقعت تلك الهجمات، وأي محاولة لربطه بتلك الأحداث هي سخيفة».
فمن هو آيرز هذا الذي قامت الدنيا ولم تقعد عند ذكر اسمه؟
إنّه «الشيوعي الصغير»، كما يُودُّ أن يسمي نفسه. ترعرع ونشأ في شيكاغو. كان أول المتقدّمين في التظاهرة الشهيرة المناوئة لمطعم البيتزا «آن أربور» في ميتشيغين، الذي رفض دخول الأفارقة الأميركيين إليه عام 1965.
كان ناشطاً مع «اليسار الجديد»، وتولى مركزاً قيادياً في منظمة «الطلاب من أجل الديموقراطية الاجتماعية» (SDS)، قبل أن يتحوّل إلى قيادة «ويذرمن» المنشقة عن (SDS) التي انتقلت للتعبير عن رأيها المعارض للإمبريالية وحرب فيتنام من الأساليب السياسية إلى المشاكسة.
دعت «ويذرمن»، التي صنفتها الـ «أف بي آي» منظمة «إرهابية محلية»، في ميثاقها التأسيسي، إلى تأسيس تحالف من «القوة المقاتلة البيضاء» و«حركة تحرير السود» والحركات «المناهضة للاستعمار» من أجل «تدمير الإمبريالية الأميركية وتحقيق الشيوعية». وخلال عملها سرّاً، أطلقت عام 1974 وثيقة قالت فيها «نحن عصابة منظمة، نساء ورجال شيوعيون نعمل سرّاً في الولايات المتحدة».
شارك آيرز في أعمال الشغب التي قامت بها العصابة، منها تفجير مركز شرطة نيويورك عام 1970 ومبنى مجلس النواب «الكابتول هيل» عام 1971، والبنتاغون 1972. وهو يفتخر بما أنجزه، ويقول في مذكّراته «جرّاء تسرّب المياه في مبنى البنتاغون بعد التفجير، توقفت عمليات القصف الجوّي خلال حرب فييتنام لأيام».
سلّم آيرز نفسه مع زوجته برناردين دورن إلى الشرطة الفدرالية عام 1980 بعدما أُسقطت التهم عنهما بسبب «سوء تصرّف الادّعاء». قال، في مقابلة مع «نيويورك تايمز» عام 2001، إنه غير نادم «وكان يجب أن يفعلوا أكثر»، إلّا أنّه اعترض في ما بعد على ما أوردته الصحيفة، مشيراً إلى أنّه كان يعني أنّه «يجب عمل المزيد من أجل فيتنام»، ونعم «هو غير نادم على معارضته الحرب».
ودافع عن تهمة «الإرهاب» قائلاً «نحن لم نرتكب أعمال إرهاب عشوائية ضدّ المدنيين. الإرهاب هو ما مارسته حكومة الولايات المتحدة ضدّ فيتنام». ودان هجمات الحادي عشر من أيلول، وقال «بسببها سنرى مزيداً من الأبرياء يموتون في أجزاء أخرى من العالم».
سُئل آيرز مرّةً عن قناعاته السياسية، فأجاب «راديكالي، يساري، شيوعي صغير، ربما أنا الشيوعي الأخير الذي يعترف بذلك، لقد كنا دوماً شيوعيين صغار لأننا لم نكن أبداً في الحزب الشيوعي أو ستالينيين، مبادئ الشيوعية ما زالت تشدّني، لا أحب لينين بقدر ما أحب ماركس».
كتب في مذكّراته «لا يمكنك أن تكون شخصاً صاحب مبادئ مع وسائل الفعل وتبقى واقفاً. كي تبقى واقفاً عليك اختيار اللامبالاة. واللامبالاة هي نقيض المبادئ».