خلص ألوف بن في مقالة نشرها أمس إلى تراجع احتمال توجيه الولايات المتحدة ضربة إلى إيران، بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، بسبب الأزمات والتحديات التي تواجهها
هآرتس ــ ألوف بن
إن انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، وبدرجة أقل تبدل الحكومات الإسرائيلية وانتهاء ولاية رئيس السلطة الفلسطينية، ستكون من بين الأحداث التي ستصوغ الواقع السياسي في السنة المقبلة. الانتخابات التي ستجري في الرابع من تشرين الثاني ستُدخل الولايات المتحدة في فترة انتقالية رئاسية تستمر 10 أسابيع، يتمتع فيها جورج بوش بكامل الصلاحيات ويتحرّر من القيود السياسية. سيتخذ بوش في هذه الفترة قرارين. الأول بشأن قصف أو عدم قصف المنشآت النووية الإيرانية،والثاني بشأن المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
الآن يبدو أن احتمالات شن هجوم إسرائيلي ــ أميركي على إيران ضئيلة. النجاح ليس مضموناً والخطورة هائلة، والولايات المتحدة مشغولة في أزمة اقتصادية عميقة فضلاً عن الفوضى في العراق وأفغانستان، وواشنطن ليست بحاجة إلى المزيد من الهموم. ولكن هناك أيضاً مؤشرات مغايرة. فالدبلوماسيون الأوروبيون يأخذون بمنتهى الجدية التصريحات الإسرائيلية التي تفيد أن «إسرائيل لا تستطيع أن تتعايش مع قنبلة نووية إيرانية»، وهم على قناعة بأن إسرائيل سوف تقصف إيران قبل أن تصبح دولة نووية.
وفقاً للسيناريو الذي طرحه وزير الخارجية البريطاني السابق، ديفيد أوين، في مقالة في «الصاندي تايمز» في هذا الأسبوع، ستهاجم إسرائيل إيران بموافقة صامتة أميركية، وبعد أن ترد إيران عبر عرقلة إمدادات النفط إلى الغرب، سيأمر بوش جيشه بضرب الإيرانيين بمنتهى الشدة. لكن إذا تبين أن بوش ينوي حقاً فتح مكتب مصالح في طهران منتصف تشرين الثاني، فسيكون بالإمكان تجاهل احتمال شن هجوم، إذ لن يراهن أحد على حياة الدبلوماسيين الأميركيين الذين سيصبحون «الدرع الواقي للبرنامج النووي الإيراني».
أما إذا لم تتعرض إيران للهجوم ونجحت في إنتاج موادّ إشعاعية للسلاح النووي بكمية كافية في السنة المقبلة، فستتغير موازين القوى في المنطقة. إسرائيل ستضطر إلى التأقلم مع هذا التوازن الدائم، وستضطر الإدارة الأميركية الجديدة إلى إظهار احترام أكبر للإيرانيين. وإن طال الأمد الزمني، من الممكن توقّع اتصالات دبلوماسية طويلة بين أميركا وإيران بشأن تقاسم النفوذ في الشرق الأوسط.
أما بالنسبة إلى المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فإنها تضع أمام متّخذي القرار تحدياً أقل تعقيداً من القنبلة الإيرانية، حيث إن المشكلة الفورية تكمن في رغبة وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، في إنهاء مدة ولايتها بعرض اتفاق مبادئ لـ«حل الدولتين». وفي هذا السياق، كتب ديفيد إيغناسيوس، المقرب من رايس، في «واشنطن بوست»، أنها متفائلة بتسيبي ليفني. وإذا نجحت الأخيرة في تأليف الحكومة، فإن رايس تأمل أن يتبنى الطرفان مبادئ لحل دائم أساساً لمواصلة المفاوضات في فترة الإدارة الأميركية المقبلة.
لكنّ إسرائيل والفلسطينيين لا يريدون الآن اتفاق مبادئ. وبالنسبة إلى ليفني، طرح تسوية ترتكز على الانسحاب من الضفة الغربية وتتطرق للقدس واللاجئين سيكون انتحاراً سياسياً. أما بالنسبة إلى رئيس السلطة محمود عباس وإلى أحمد قريع فإن ذلك سيكون اتفاقاً جزئياً آخر على طراز أوسلو، تقوم إسرائيل من خلاله بإغراء الفلسطينيين بوعود فارغة للمستقبل، بينما تستمر في احتلالها. الجانبان سيحاولان عرقلة مبادرة رايس من دون إحراجها والظهور كرافضين للسلام مع إلقاء اللائمة بعضهما على بعض.
التحدي الأساسي الماثل أمام ليفني سيكون بلورة منظومة علاقات طيبة مع باراك أوباما، الذي، على ما يبدو، سيحل محل بوش في البيت الأبيض. ولا ينحصر الأمر بالانسجام الشخصي فقط بل في فهم ضرورات الولايات المتحدة التي تفقد قوتها وترزح تحت أزمة مالية وحروب في أفغانستان والعراق.