الغليان سمة طغت على المشهد التركي، أمس، في ظلّ تصاعد التوتّر العرقي والسياسي في مناطق الأكراد، حيث توفّي مناصر لحزب العمال الكردستاني، بالتزامن مع بداية صاخبة لمحاكمة قادة منظّمة «إرغينيكون» وأعضائها.وقُتل متظاهر في اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين أكراد في مدينة دوغوبيازيد شرق البلاد احتجاجاً على أنباء تعذيب الزعيم الكردي عبد الله أوجلان.
كذلك ارتفعت وتيرة التظاهرات وأعمال العنف لدى وصول رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الى ديار بكر، في زيارة تستغرق 24 ساعة، أراد من خلالها تهدئة الخواطر، فلم تؤدّ سوى إلى زيادة التشنّج.
إلى ذلك، عُقدت أولى جلسات محاكمة 86 متهماً بالانتماء إلى «إرغينيكون» في إسطنبول، في أجواء من الفوضى أدّت إلى تقسيم الجلسة إلى مرحلتين، صباحية وأخرى عُقدت بعد الظهر.
وتحوّلت أجواء القاعة ومحيطها إلى فوضى مطلقة حين غصّت المحكمة بالحضور، حتى إنّ العديد من المحامين لم يجدوا أماكن للجلوس.
عندها اقترح القاضي على هيئة الدفاع تقسيم المتهمين إلى مجموعتين، وعرض محاكمة المعتقلين أوّلاً (46 متهماً) وإرجاء محاكمة الأشخاص الذين لم يوضعوا في الحجز الاحتياطي. اقتراح عارضه محامو الدفاع الذين طلبوا نقل المحاكمة إلى قاعة رياضيّة واسعة بما يكفي لاستقبال الحضور. وقال أحد المحامين «أمارس مهنة المحاماة منذ 50 عاماً، ولم أشهد طوالها مثل هذه الظروف»، مشيراً إلى أنّ الظروف الفوضوية «تهدف لمنعنا من ممارسة حقنا في الدفاع».
وسبب الزحمة الكبيرة هو اهتمام غير مسبوق من وسائل الإعلام المحلية والعالمية بالقضيّة التي وصفتها الصحافة التركية بأنها «محاكمة العصر»، ويجمع الأتراك على أنّها أهم قضيّة تعرفها تركيا في تاريخها، لكونها تمسّ للمرة الأولى منظّمة حكمت البلاد على مدى عقود من خلف ستارة العسكر.
وفيما أُجّلت الجلسة الثانية إلى يوم الخميس المقبل، فإنه من المتوقّع أن تطول فترة المحاكمة، بما أنّ عدد التهم الموجّهة إلى الموقوفين والهاربين يبلغ 30 وتقع في 2500 صفحة، بينها الانتماء الى منظمة إرهابية مسلّحة والحثّ على العصيان المسلّح والإعداد لانقلاب ضدّ الحكومة التركية.
وفي باحة قاعة المحكمة، تجمهر المئات من أنصار حزب العمّال القومي اليميني المتطرف للاحتجاج على محاكمة رئيس حزبهم دوغو بيرنتشيك. وهتف المتظاهرون، الذين رفعوا العلم التركي وصور أتاتورك، «الخونة في البرلمان والوطنيون في السجن»، و«بيرنتشيك سيخرج وسيحاسب» المسؤولين.
(الأخبار، أ ف ب)