كانت رسالة وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، إلى رئيس المكتب السياسي لـ «حماس»، خالد مشعل، لافتة في سجلّ العلاقات بين الحركة الإسلاميّة وواشنطن، ولا سيّما أنها صيغت بلغة وديّة نوعاً ما، في إطار «شكر» الوزيرة للحركة الإسلامية حمايتها «حدود إسرائيل» ومنع «الإرهابيين المتشدّدين» من إطلاق الصواريخ.الرسالة بصيغتها الحالية، التي لم تنفها الإدارة الأميركية وأكدتها «حماس»، تشير إلى تغيير في سياسة واشنطن تجاه الحركة الإسلاميّة، ولا سيما أنها أبقت الباب مفتوحاً على مزيد من التواصل مع الحركة في حال قبولها شروط الرباعيّة والانخراط في العمليّة التفاوضيّة.
وأكدت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» أن الرسالة سلّمت إلى وليّ العهد القطري، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي سلّمها بدوره إلى مشعل، الذي فضّل بداية التكتّم عليها خشية استغلالها من معارضي «حماس».
وفي ما يلي نصّ الرسالة: «السيّد خالد مشعل، أودّ أن أبلغكم بأنّ حفاظكم على التهدئة مصلحة فلسطينية مطلقة، وأنها ستفيد أهالي غزة، وبالطبع حماس التي سيطرت بالقوة على القطاع، وأشيد بما قمتم به من أجل حماية الحدود مع إسرائيل، ومنع الإرهابيين المتشددين من إطلاق الصواريخ على جنوب الدولة اليهودية. أشعر بأهمّية أن تكون حماس مستعدّة للتخلّي عن الإرهاب وأن تفكّر جدّياً في التعايش السلمي في دولتين متجاورتين تحفظ كلّ منهما الأخرى وتعيشان بسلام وأمان وتمكّنان الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني من العيش بهدوء وراحة. أرجو أن تكون الرسالة مقدّمة لتواصل أكبر مع حماس بعد انخراطكم في العملية التفاوضية وقبولكم ما طلبته اللجنة الرباعية منكم.
كوندوليزا رايس
وزيرة خارجية الولايات المتحدة».
الانفتاح الأميركي على «حماس»، والذي يعدّ الأوّل من نوعه على الصعيد الرسمي، كان قد سبقه انفتاح من «فتح» على الحركة الإسلامية، عبّر عنه لقاء نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، موسى أبو مرزوق، مع السفير الفلسطيني في القاهرة، نبيل عمرو، مطلع الشهر الجاري.
غير أن اللقاء لم يكن وديّاً بين الطرفين، إذ أشارت مصادر مطّلعة على اللقاء إلى أن عمرو أبلغ أبو مرزوق أن لدى «فتح» شكوكاً في أن «حماس» ذاهبة إلى القاهرة من أجل الوفاق «بل من أجل كسب الوقت». وأضاف عمرو، بحسب المصادر، «أنتم قادمون وتعتقدون أن معكم أوراقاً مهمة وخصوصاً ورقة انتخاب الرئيس (محمود عباس) وهي بالنسبة لنا قائمة وشرعية، وأنتم مَن خالفتم الشرعية بانقلاب غزة، وهذه ورقة غير قابلة للتداول ولا حتى المصريون يوافقون عليها».
وأضافت المصادر أن عمرو أبلغ أبو مرزوق أن الحكومة الانتقالية المنوي تأليفها بعد الاتفاق في القاهرة «لن تقوم إلا بعد مشاورة العالم بأسره». كذلك أشار إلى أن دخول «حماس» إلى منظمة التحرير يجب أن يسبقه التقيّد بالتزاماتها والاعتراف بالاتفاقات التي وقّعتها مع إسرائيل، وفي مقدّمها اتفاق أوسلو.
كذلك بحث الطرفان مسألة إعادة بناء الأجهزة الأمنيّة، التي قال عمرو إنها ستقتصر على قطاع غزّة، لأن «الأمن في الضفة يخضع لشروط معقّدة مرتبطة بالأميركيين والإسرائيليين، والمطلوب إخراج أمن الضفة من هذا السياق».
(الأخبار)