معمر عطويأثار قرار المفوضية الأوروبية استخدام ماسحات ضوئية «سكانر» للكشف على أجسام المسافرين في مطارات دول الاتحاد الأوروبي جدلاً سياسياً وإعلامياً واسعاً، على اعتبار أن هذه الآلات التي تعمل بالأشعة ما تحت الحمراء تتعدّى على خصوصيات الأشخاص، وقد تسبّب لهم بعض الأمراض.
وكتبت صحيفة «دي بريسة» النمساوية أن المفوضية الأوروبية تريد تطبيق العمل بهذه «السكانر» في المستقبل، حيث يمكنها أن تضمن أمن الرحلات الجوية أكثر من التفتيش التقليدي، وبإمكانها إظهار تفاصيل الجسد وكشف القطع المعدنية، حيث لم تعد هناك حاجة للّمس. واقترحت إدارة السلطة العليا في الاتحاد الأوروبي أن تُشغّل «السكانر» على جميع خطوط الطيران، في جميع دول أوروبا، مشيرة إلى أنها استُخدمت في أمستردام دون النمسا.
وتأمل المفوضية الأوروبية، من خلال هذه الخطوة المثيرة للجدل، تحقيق أكبر نسبة ممكنة من الأمن والوقاية من خطر الإرهاب في محطات النقل العامة.
وتحدثت «دي بريسة» الواسعة الانتشار عن نتائج سلبية تؤثّر على الصحة جرّاء استخدام هذه الآلة، معتبرة أن ذلك يجعل استخدامها مستحيلاً. كما أشارت الصحيفة إلى «خرق الحقوق الشخصية والتدخّل في خصوصيات المسافرين الجوهرية».
من جهتها، حذّرت عضو حزب الخضر النمساوية، نائبة رئيس كتلة «الخضر» في الاتحاد الأوروبي، إيفا ليشتنبرغر، من أن يكون كسب الأمن على حساب التدخّل في خصوصيات الأفراد، بينما طالب عضو الحزب الاشتراكي الديموقراطي، يورغ لايشتفريد، بتحقيق شروط مسبقة، أبرزها التثبّت من عدم وجود ضرر صحي لهذه الكاشفة. واقترح أن يستمر استخدام الخيارات الأخرى، مثل اللمس والتصفّح، من خلال الموظفين، واللجوء إليها في حال الضرورة، أي بعد استخدام الطرق الأخرى. وشدد لايشتفريد على أنه في حال استخدام «سكانر التعرية»، ينبغي ألا يشاهد «صورة الجسد» سوى رجال الأمن، مع محاولة تغطية بعض الأعضاء. غير أن لايشتفريد يشدّد في الوقت نفسه على أنّ هذه الكاشفة «سوف تقيّد الحريات الشخصية».
وفي ألمانيا، انتقد المحافظون والليبراليون على السواء هذه الخطوة الأوروبية، وتحدث بعض الصحف الألمانية عن استفتاء متوقع على السماح باستخدامها في كل دولة من دول الاتحاد.
وتقول صحيفة «فرانكفورتر روندشاو» إن حزب الديموقراطيين الأحرار (الليبراليين) والخضر عارضا استخدام هذه الآلة. وقالت المتحدثة باسم الليبراليين في كتلة الحزب في البرلمان الاتحادي، غيزيلا بيلتز، إن «استخدام فاحصات الأشخاص يمكن أن يثير الخيال للقيام بعرض تعرّ افتراضي.. وقد تدرج في سياق المواد الإباحية». وتضيف بيلتز «يمكن أن تكشف (الصور) عملية لبتر الثدي أو أي عمليات جراحية أخرى».
وتعرف الماسحة الضوئية الجديدة بـ«سكانر التعرية»، لأنها تستطيع كشف الجسد رغم الثياب. وهي تستخدم أشعة إلكترو ـــــ مغناطيسية.
وتقوم الشرطة الألمانية باختبار هذه «السكانر» لتجعلها في الخدمة ابتداءً من نهاية هذا العام. لكن المتحدث باسم الشرطة في ولاية بوتسدام، يورغ كونتسندورف، ذكر أمس أن الشرطة الألمانية تريد استشارة خبراء من الخارج لمعرفة انعكاسات هذه الماسحات على الصحة. وقال «إذا كان واضحاً أن هذه السكانر تناسب متطلّباتنا، ينبغي أن تُقرّر بعد الاختبار».


البرلمان الأوروبي يوصي بدراسة معمقة

صوّت المشرّعون في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أمس، بأكثرية ساحقة على المطالبة بدراسة أكثر عمقاً للماسحة الضوئية «السكانر» التي ينوي بعض حكومات دول الاتحاد استخدامها في المطارات لتفتيش المسافرين، بطريقة تظهر تفاصيل الجسد من خلال الثياب.
وأُدخلت هذه «السكانر» الجديدة إلى العديد من المطارات في الولايات المتحدة، واختُبرت في العالم، ولا سيما في دول أوروبية مثل بريطانيا وهولندا. وصوّت البرلمان الأوروبي بغالبية 362 في مقابل رفض 16 عضواً وامتناع 181 نائباً عن التصويت على قرار يطالب سلطات الاتحاد الأوروبي بالتحرّي عن آثار هذه الآلة على الخصوصية والصحة. وعزا مؤيّدو استخدام «السكانر» الجديدة قبولهم بها إلى سهولة التحقّق من الأشياء التي توفّرها هذه الماسحة الضوئية من سوائل وأسلحة بلاستيكية لا يمكن كشفها بواسطة أجهزة التفتيش التقليدية. لكنّ زعيم الكتلة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي، مارتن شولتز، يرى أن «هذه الآلات غير مقبولة، لأنها تكشف الجسد عارياً كليّاً».
(أ ب)