دمشق ــ سعاد مكرمبعد ثلاث سنوات من انكفاء المسؤولين الأوروبيّين عن زيارة سوريا، سوى في إطار حمل رسائل الضغط السياسية، ها هي بوابات دمشق تفتح من جديد لاستقبال أرفع مسؤولي القارة العجوز من باب «التنسيق والتشاور» في القضايا الإقليمية (السلام ـ العراق ـ لبنان). حتى إن المراقبين باتوا يلحظون أن هذه الزيارات الغربية أصبحت تحدث بمعدل زيارتين أو ثلاث زيارات في الأسبوع الواحد.
وبينما تنحّى الملف اللبناني جانباً إلى حدّ ما في المباحثات، تقدم إلى الصدارة الملف العراقي والصراع العربي ــ الإسرائيلي والعلاقات السورية ــ الأوروبية.
وفيما استقبلت دمشق وزير الخارجية الدنماركي بير ستيغ مولر أمس، تردّدت أنباء عن احتمال عقد قمة أوروبية ـ سورية في بروكسل قبل نهاية العام الجاري، تتويجاً لعقد اتفاقية الشراكة الأوروبية، حيث زادت الحظوظ بالتوصل إلى توقيع صيغة معدّلة جرى التوصل إليها عام 2004.
وآخر الإشارات الأوروبية الإيجابية تجاه القيادة السورية، كلام مولر بعد لقائه الرئيس بشار الأسد، الذي أشار إلى أن بلاده «ترحب بالخطوات التي اتخذتها سوريا تجاه العراق ولبنان خصوصاً في إقامة علاقات دبلوماسية مع بيروت».
وقد أعرب المسؤول الدنماركي عن أمله أن «يستمر هذا النهج، لأنه يؤدي إلى السلام في المنطقة» من دون أن ينسى الترحيب بالمفاوضات السورية ــ الإسرائيلية غير المباشرة. ونوّه مولر بالدور الذي تقوم به سوريا تجاه المهجّرين العراقيين واللاجئين الفلسطينيين.
وبحسب بيان رئاسي سوري، فقد تناول الأسد في لقائه مع ضيفه الدنماركي «العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في ظل تنامي العلاقات السورية ــ الأوروبية». وكان مولر قد التقى نظيره السوري وليد المعلم، ونائب الرئيس فاروق الشرع.
وإذا كانت الدول الأوروبية تنتظر من دمشق دوراً في العراق وفي عملية السلام على المسار الفلسطيني وفي الملف اللبناني، فإن سوريا تنتظر بدورها من أوروبا انفتاحاً أكبر، وقد يكون هذا أهم بند سيحمله المعلم إلى بريطانيا في زيارته إليها التي تبدأ اليوم وتستمر يومين.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية باري مارستون قد كشف قبل يومين أن لندن لم تعترض على دور سوريا «الأساسي في المنطقة»، واصفاً هذا الدور بأن «له جذوراً تاريخية، ويجب أن يستمر». وفي ظل تحدث بعض التقارير عن إمكان زيارة الأسد إلى العاصمة البريطانية، أشار مارستون إلى أن زيارة المعلم تأتي في إطار «جهود تفعيل العلاقات بين البلدين، وعملية طويلة المدى بدأت قبل أشهر لصياغة وجهة نظر مشتركة حيال الكثير من التحديات، وإيجاد الإطار المناسب للتوجه المشترك حيالها».
ورجّحت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الأخبار» أن تطلب القيادة البريطانية من المعلم ممارسة «دور مساعد» في العراق، من خلال علاقة دمشق الجيدة مع إيران، وأيضاً أداء دور إيجابي في الملف النووي الإيراني، على غرار ما سبق أن طلبه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من الأسد، في مقابل أن تؤدي بريطانيا دوراً في دفع «عملية السلام».