يشدّد محافظو إيران هجومهم المركّز على الرئيس محمود أحمدي نجاد، تحضيراً للانتخابات الرئاسية، فيما يبدو أن المشهد الانتخابي بدأت تتضح ملامحه بعد إعلان رئيس البرلمان علي لاريجاني عدم ترشّحه
طهران ـ محمد شمص
يفسّر المتابعون للشأن الإيراني غياب رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، علي لاريجاني، عن لوائح الترشيح للانتخابات الرئاسية في العام المقبل، بأنه ليس سوى خطوة تكتيكية، إذ سيخوض الرجل المعركة الرئاسية بصورة غير مباشرة من خلال تياره المحافظ «الائتلاف الموسَّع للمدافعين عن المبادئ» أو «المبدئيون»، المنشّق عن تيار الرئيس محمود أحمدي نجاد المحافظ أيضاً «المسترشدون بالمبادئ».
وبحسب قراءة أولية، فإن تيار لاريجاني يدعم رئيس بلدية طهران، المرشح محمد باقر قاليباف، لتصبح المنافسة بين المرشحين الأوفر حظاً: نجاد وقاليباف.
غير أن لاريجاني ينفي أن يكون عدم اتفاق المحافظين على مرشّح موحد حتى الساعة تكتيكاً، بل هو «ضعف في التجربة الحزبية لديهم».
ويبدو أن النزاع بدأ بين التيارين يتصاعد في الأسابيع الأخيرة، على خلفية مطالبة «أصدقاء» لاريجاني باستقالة وزير الداخلية علي كردان، الذي أقرّ بتزويره شهادة دكتوراه فخرية من جامعة أوكسفورد. الا أن نجاد متمسك بقوة بوزيره ويرفض إقالته، بحسب مصادر نيابية من الأكثرية اجتمعت معه وطالبته بالموافقة على استقالته.
وأعرب مصادر إيرانية معنية، لـ«الأخبار»، عن أملها في ألا يستفيد نجاد مجدداً من موقع المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي لإنقاذ وزيره، مشيرة إلى أن هناك تعهداً من السلطتين: التنفيذية والتشريعية، بعدم إقحام المرشد في خلافاتهما، «لأن إقحامه ينتقص من موقعه ورصيده» كما حصل في قضية مساعد الرئيس، اسفنديار مشائي.
مشائي، الذي قال إن «الشعب الإيراني صديق لشعب إسرائيل»، كان قد أغضب المرشد واضطرّه للتدخل، فيما استطاع «المبدئيون» من خلال قضيتي مشائي وكردان تسديد لكمات موجعة لنجاد.
وفي المقلب الآخر، لم يحسم الإصلاحيون بعد مرشحهم الموحد للانتخابات، ولا سيما بعد الإرباك الشديد الذي تركه ترشّح الأمين العام لحزب «اعتماد ملي»، الشيخ مهدي كروبي.
وأكد الرئيس السابق محمد خاتمي، أمس، أنه لن يترشح، علماً بأن مقرّبين منه يؤكدون بقاء احتمال ضعيف بعودته عن هذا القرار، الذي امتعض الإصلاحيون منه، في اللحظات الأخيرة ليُفاجئ الجميع ويخلط الأوراق كما فعل في الدورة الأولى من الانتخابات التي أوصلته إلى الرئاسة.
هذا الإرباك والتشتت لدى قيادة الإصلاحيين، لا يعني أنهم قبلوا بنتائج المعركة مسبقاً، فهم يواصلون استنهاض كوادرهم وأنصارهم في طهران والمدن والمحافظات للمشاركة بحماسة، مستفيدين من ثغر حكومة نجاد وإخفاقاتها. وسط هذين التيارين، يقف رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، الشيخ هاشمي رفسنجاني، بقوة وراء مرشح الإصلاحيين وهو على اتصال دائم وتنسيق مستمر مع خاتمي وكروبي.
ويأخذ معارضو نجاد عليه إخفاقه في الملفات الاقتصادية، ولا سيما سياساته في توزيع أموال الصادرات النفطية على موائد الإيرانيين باعتباره سبباً رئيسياً في زيادة التضخم. أما مناصروه فيتصرفون كما لو أنه الرئيس المقبل لأربع سنوات أخرى. ويعتقد هؤلاء أن فرص نجاد للفوز بالانتخابات قوية جداً لأسباب عديدة، منها:
1- أنه أمر بتوزيع «أسهم العدالة» على حوالى 30 مليون مواطن إيراني.
2- أن سياساته في مجال الطاقة وفّرت على خزينة الدولة ما بين 6 إلى 9 مليارات دولار سنوياً، بعد تقنين مادة البنزين ومنع تهريبها إلى الخارج.
3- استطاعت حكومته هذا العام فرملة عجلة التضخم المتسارعة.
4- استبداله الدولار باليورو جعل إيران أقلّ الدول تضرراً وتأثراً بالأزمة المالية العالمية.
5- دعم خامنئي لنجاد وحكومته ومدى تأثير ذلك على الرأي العام في إيران.
لعل أهم شعارات التنافس على الرئاسة الإيرانية كبح جماح التضخم والقضاء على البطالة ومحاربة الفساد والملف النووي والعلاقات مع الولايات المتحدة.
لكن إلى جانب ذلك، سيكون هناك تأثير واضح لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية وتداعياتها على الانتخابات الإيرانية، وبالعكس. لهذا، لم يكن مستغرباً أن يحتدم الجدل هنا في طهران حول من ستأتي به صناديق الاقتراع الأميركية، مع اقتناع الإيرانيين بأنه لا المرشح الديموقراطي باراك أوباما، ولا منافسه الجمهوري جون ماكاين، يمكنهما أن يغيّرا المنحى العام للسياسات الأميركية تجاه إيران.
ومع ذلك، كان لأوباما الذي أعلن استعداده للحوار مع طهران، الصدى الأوسع والترحيب والتفضيل على منافسه ماكاين بين الإيرانيين؛ لاريجاني رأى أنه أكثر مرونة من غيره. أما كروبي فرفض الربط بين فوز الإصلاحيين أو خسارتهم بنتائج الانتخابات الأميركية، قائلاً «أنا لا أوافق الرأي القائل إن في إيران أحزاباً سياسية تعمل لمصلحة أميركا، بل إن كلّ الأحزاب الإيرانية تعمل لمصلحة الشعب الإيراني».


«مجلس التعاون» نحو توثيق العلاقات مع إيران

أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد الرحمن العطية، أن دول المجلس ترغب في تعزيز التعاون والعلاقات مع إيران وهي ماضية في هذا الطريق. وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي، «إن تكنولوجيا إيران النووية سلمية بحتة، ونحن ندافع دوماً عن حق إيران المشروع، ونقول إن امتلاك الطاقة النووية حقّ لجميع الشعوب».
وأضاف العطيه، الذي يحضر الملتقى الدولي السادس عشر حول آسيا الوسطى والقوقاز في طهران، أن زيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى الدوحة في العام الماضي، مثّلت انعطافة في العلاقات بين إيران ودول الخليج، موضحاً أن «دول المجلس ترحب باقتراحات الرئيس نجاد وتسعى إلى تطبيق هذه الاقتراحات. حتى إن فكرة عقد اجتماع مشترك بين قادة دول المنطقة طرحت خلال زيارة أمير قطر (حمد بن خليفة) الأخيرة إلى إيران».
من ناحيته، قال متكي إن المحادثات مع العطية «تهيئ الأرضية لإقامة علاقات وثيقة ابتداءً من العلاقات الاقتصادية وانتهاءً بالتعاون الأمني». وأشار متكي إلى ضرورة وضع وتنفيذ نموذج محلّي لـ«الأمن الإقليمي»، موضحاً «أن نتائج وجود القوات الأجنبية في المنطقة تشير إلى أن هذا الوجود لم يؤدّ الى استتباب الأمن».
وأضاف متكي أن السلاح النووي وفي‌ أي نقطة من العالم يثير القلق والخطر «ولهذا فإننا نعتقد بضرورة القضاء على الأسلحة النووية في أنحاء العالم، بما فيها منطقة الشرق الأوسط». ودعا العراق ودول مجلس التعاون واليمن لبدء «المباحثات الجادة» بشأن إيجاد صيغة أمنية في المنطقة.
(يو بي آي، مهر)