Strong>نأت روسيا بنفسها عن التصعيد نحو الغرب، وتعاملت مع قرار الاتحاد الأوروبي بتعليق مفاوضاته بشأن اتفاق الشراكة معها برويّة. فرغم «أسفها»، رأت في القرار، الذي نصّ على الحوار، إشارة إيجابية تنبئ بعجز الغرب عن فرض عقوبات ركّزت موسكو، أمس، على الجانب الإيجابي في قرارات القمّة الأوروبية التي انعقدت أول من أمس في بروكسل، حتى إن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، المعروف بتصريحاته العنيفة، قال إن «التعقّل ساد قمة الاتحاد الأوروبي»، رغم تحذيره من «رد روسي على تعزيز قوات البحرية التابعة لحلف الأطلسي في البحر الأسود»، فيما بدا أن العلاقات الروسية ـــ التركية عادت إلى طبيعتها، مع زيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف لأنقرة.
وخلال لقائه الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف، أعلن بوتين أن «روسيا ستزوّد حليفتها في آسيا الوسطى بأسلحة فائقة التطور»، مشيراً إلى «اتفاق البلدين أيضاً على البدء ببناء أنبوب على الأراضي الأوزبكية بمشاركة روسية لتأمين نقل صادرات الغاز الأوزبكي والتركماني المتزايدة».
وفي تعليقه على قرار الاتحاد الأوروبي، رأى بوتين أن «التعقّل ساد قمة الاتحاد، رغم اقتراحات متطرفة»، مضيفاً «لم نرَ أي خلاصات أو اقتراحات متشددة، وهذا أمر جيد جداً». وأوضح أنه «لدينا أساس نستند إليه لمواصلة الحوار مع شركائنا الأوروبيين».
هذا الهدوء قابله تصعيد من نوع آخر، إذ حذّر بوتين من أن «روسيا سترد على تعزيز قوات البحرية التابعة لحلف الأطلسي في البحر الأسود»، قائلاً «رد الفعل سيكون هادئاً ومن دون أيّ هستيريا. لكن سيكون هناك بالطبع رد فعل».
ردود الفعل على قرار تعليق مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع روسيا لم يستأثر بها بوتين، ذلك أن الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف أكد، خلال لقائه نظيره الأرميني سيرج سارغسيان في مدينة سوتشي الروسية، فشل الاتحاد الأوروبي في «فهم نيّات روسيا لحربها على جورجيا».
وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن «أسفها لقرار الاتحاد الأوروبي تأجيل المفاوضات»، مشيرة إلى أن «العلاقات الروسية ـــ الأوروبية يجب ألا تكون رهينة الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي». إلّا أنها تطرّقت في الوقت نفسه إلى المسؤولية التي تعاملت بها دول الاتحاد.
في المقابل، رحّب رئيس الحكومة الجورجية لادو غورغينيدزه، بقرار الاتحاد الأوروبي إرسال بعثة من المراقبين إلى منطقتي النزاع في جورجيا، فيما أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية، أندريه نيستيرينك، أن «موسكو لم تتسلم أية وثائق رسمية من جورجيا عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين».
من جهة ثانية، دعا وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني، الاتحاد الأوروبي، أمس، إلى «التخفيف من اعتماده على الطاقة التي ترد من روسيا، مع الاحتفاظ مع موسكو بعلاقات صلبة». وأشار إلى أن «هذا القرار الذي تمّ التوصل إليه، أمس، حال دون اندلاع حرب باردة جديدة».
من جهتها، دعت الصين روسيا وجورجيا إلى «التحاور لحل نزاعهما»، رافضة الانحياز إلى أي منهما. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية جيانغ يو، «نأمل أن تحلّ الأطراف المعنية هذه القضايا عبر الحوار والمشاورات». ومع بدء زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تركيا للقاء نظيره التركي علي باباجان، أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنه «لا مجال لتجاهل روسيا بسبب الأزمة الجورجية»، مشدداً على أن «بلاده ستحاول إرساء توازن في خضم البلبلة الاقتصادية بين البلدين». وأوضح أن «روسيا بالنسبة إلينا بلد تربطنا به علاقات تجارية بالغة الأهمية».
ونبّه أردوغان إلى أنه «لا يمكن لتركيا القيام بتنازلات في علاقاتها التجارية مع روسيا».
أما لافروف، فقال إن «بلاده لم تقصد التمييز إزاء تركيا، من خلال القيود الجمركية التي فرضتها».
وكان وزير التجارة التركي كورسات توزمن، أعلن أول من أمس، أن «بلاده فرضت قيوداً جمركية على موسكو رداً على القيود الروسية»، رغم نفي المتحدث باسم الحكومة التركية.
ميدانياً، أكد ممثل روسيا لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير شيجوف، أن «مئات العسكريين الروس الذين لا يزالون في جورجيا في منطقة عازلة، ويطالب الاتحاد الأوروبي برحيلهم، سينسحبون بسرعة نسبية» من دون أن يحدد موعداً.
كذلك عادت سفينة الحراسة الروسية «سميتليفي»، التي شاركت في عملية «حفظ السلام» عند شواطئ جورجيا، إلى قاعدة أسطول البحر الأسود الروسي في سيفاستوبول في أوكرانيا، فيما غادرت سفينة خفر السواحل الأميركية «كاتر دالاس» الميناء.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ب)