وجهه طفولي، ملامحه أشبه بـ «مدّعي النضج». عقله صار مكملاً للاقتصاد الروسي. لكن مشكلة رئيسية باتت شرارة للنكتة داخل الأوساط العسكرية الروسية. كتفه أصغر من ظهر الكرسي
ربى أبو عمو
مجدداً، من هو الرئيس في روسيا؟ سؤال تخطى فعل التكرار. إلّا أنه واقع يفرض طرحه، وخصوصاً بعد حرب أوسيتيا. ديمتري مدفيديف في اليوم ما بعد العشرين للحرب هو غيره ما قبلها. الأكيد أنه لم يتخطَّ فلاديمير بوتين، لكنه لجأ إلى فعل «التقليد».
في بداية الحرب، بدت تصريحات مدفيديف «لطيفة»، فيما اعتاد الروس لهجة بوتين «العنيفة». رئيس الوزراء غادر الصين، تاركاً رفقة الرئيس الأميركي جورج بوش، وتوجه إلى منطقة فلاديكافكاز، الواقعة عند حدود أوسيتيا الجنوبية، ليقول للأميركيين: هذا هو الخط الأحمر الذي يجب أن تدرك واشنطن خطورة المساس به. ترافق ذلك مع احتكار بوتين للمواقف الأساسية.
بعد أيام، ربما فاجأ مدفيديف الأوساط الإعلامية بزيارته الحدود، ليعلن أن «ما فعلته جورجيا لن يمرّ من دون عقاب»، ولتبدأ سلسلة من المواقف، التي بدت تقليداً يستهدف تعريف الغرب به كرئيس لروسيا الاتحادية.
محاولة بدأها في الداخل، قبيل الحرب. عندها، دعا مدفيديف إلى خلق فريق «احتياطي رئاسي»، يضم شخصيات مؤهلة لتسلّم مواقع في الحكومات الفدرالية والمناطقية، على خلفية وجود نقص في الدولة للمديرين الفعّالين.
العديد من المحللين وضعوا رغبة مدفيديف هذه في إطار محاولته «الالتفاف على بوتين»، لاستبدال مرشحيه بالفريق الذي ورثه عنه، وخصوصاً أن بوتين كان يواجه انتقادات لتولي رفاقه السابقين المواقع المهمة في الحكومة وإدارة الشركات.
خطة مدفيديف، بحسب ألغا كرشتاتوفسكايا، المتخصصة في دراسة نخب البلاد في الأكاديمية الروسية للعلوم، ذات وجهين؛ الأول خلق نظام لاختيار الأشخاص الفعالين، والثاني استبدال فريق بوتين. إلّا أن البيروقراطية الروسية هي «عشائرية، قد لا تساعد مدفيديف على اختراقها».
مصدر روسي قال لـ«الأخبار» إن «ما يمكن تسميته محاولات مدفيديف للتحديث، هي في الواقع حنكة إعلامية، لأن التغييرات تأتي ضمنياً بالاتفاق مع بوتين». أما احتمال «تهور» الرئيس، «فهو مستبعد على الأقل في النصف الأول لعهده. أما في الثاني، فيحتاج إلى أمرين، إما أن يجري دعمه بواسطة رجل عسكري استخباري قوي، أو أوليغارشي صاحب نفوذ وشركات وأموال. في المقابل، يستوجب ذلك أن يكون بوتين في انحدار نحو رئيس وزراء ضعيف».