بعد 21 شهراً على تسلّمه السلطة، قدّم الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون جردة حساب عن أعمال ولايته التي تميزت بانسداد الأفق، وبتراكم مشاكل جديدة مثل الأمن والجريمة المنظمة، التي صارت تهدّد استقرار العملاق المكسيكي
بول الأشقر
جرت العادة أن يأتي الرئيس إلى المجلس الرئاسي، ليقدم تقريراً سنوياً عن أعماله، في احتفال يعرف بـ«اليوم الرئاسي»، وهي مناسبة تعدّ تقليداً في مكسيك الحزب «الثوري المؤسساتي»، الذي حكم خلال تسعين عاماً.
تعثر هذا التقليد أخيراً، ولم يتمكن كالديرون وسلفه فيسنت فوكس، من إلقاء الخطاب، فاكتفيا بتسليمه والانسحاب، حتى استبدل بقانون يعفي الرئيس من الذهاب إلى الكونغرس للعب دور ساعي البريد.
أول من أمس، للمرة الأولى في تاريخ المكسيك، سلّم أحد الموظفين الوثيقة، قابلها كالديرون بحملة دعايات للتهليل بـ«إنجازاته». أعفى القانون الجديد الرئيس من المضايقة. لكنه عمّق الشعور بالإحباط لدى المكسيكيين. وكرست الدعاية المتلفزة الغربية تقصير المسؤولين وتدهور الواقع على الأرض. فهناك شعور عام بأن الجريمة المنظمة تقضم كل يوم مساحات جديدة، وكذلك تفعل البطالة، فيما الأمن يتراجع والاقتصاد يراوح مكانه. وترسخت القناعة بأن المشاكل تتراكم، فيما الحلول تتبخر أو تتحول إلى مجرد خطابات. وأظهر استطلاع للرأي أن 90 في المئة من المكسيكيين يرون أن الوضع صار أسوأ مما كان عليه قبل سنة، وسيكون بعد عام أسوأ مما هو عليه اليوم.
وصل الرئيس كالديرون إلى السلطة بعد انتخابات مشكوك في نزاهتها، وهو يحمل راية «توفير فرص العمل». إلا أنها تكسّرت تحت وقع انكماش اقتصاد الجار الشمالي الكبير. تضاعف عدد العاطلين من العمل. وخلال الشهرين الأخيرين، باتت البلاد تخسر معدل ست وظائف في الدقيقة!
ركز كالديرون اهتمامه على موضوع الأمن، مكرساً له أكثر من 300 خطاب في الثلث الأول من ولايته. انكب البلد في الحرب على المخدرات وصدرت «مبادرة ميريدا» مع الولايات المتحدة. إلا أن النتيجة كانت 5600 قتيل منذ تسلّم كالديرون، في سياق صراعات داخلية بين مافيات المخدرات المكسيكية.
ومع 1235 عملية خطف في مقابل فديات مالية، عمّت البلاد الأحد الماضي تظاهرات صاخبة، طالبت من سمّتهم «العاجزين» بالاستقالة. وإزاء انقسام اليسار منذ الانتخابات الرئاسية، بين «مقاطع ومشارك» لكالديرون، وعقم هذا الأخير أمام تفاقم المشاكل، لم يعد المراقبون يستبعدون عودة «الثوري المؤسساتي» في الانتخابات المقبلة، وهي فرضية كانت خارج التداول خلال العقد الأخير.