تشيني يتّهم موسكو بنقل أسلحة إلى حزب الله... وساركوزي يلتقي مدفيديف اليومأطلق نائب الرئيس الأميركي، ديك تشيني، في ختام جولته الأوروبية في إيطاليا، سلسلة اتهامات ضد موسكو، قوبلت بإعلان البحرية الفنزويلية عن مناورات مشتركة مع روسيا في بحر الكاريبي، هي الأولى من نوعها
بدت روسيا والولايات المتحدة، خلال اليومين الماضيين، مصرتان على استكمال حلقة التصعيد، وخصوصاً من جانب واشنطن التي قادت حملة من الاتهامات ضد موسكو، هي الأقسى منذ اندلاع حرب أوسيتيا. حملة تولاها ديك تشيني، وكان أهمها اتهامه موسكو بنقل أسلحة إلى حزب الله عبر سوريا. أما الحدث الثاني، والذي يمثّل تحالفاً عسكرياً خطراً ضد واشنطن، فتمثّل في إعلان البحرية الفنزويلية عن مناورات مشتركة مع روسيا في بحر الكاريبي. وفي مقابل هذه الحدة، جاء كلام وزير الخارجية الفرنسي، برنارد كوشنير، مؤيداً الصلحة مع موسكو، بالتوازي مع زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اليوم إلى روسيا وجورجيا لبحث اتفاق وقف إطلاق النار.
وأعلنت البحرية الفنزويلية، أول من أمس، أن «أربعة سفن تابعة للبحرية الروسية تنقل نحو ألف رجل، ستشارك في فنزويلا في مناورات مشتركة من 10 إلى 14 تشرين الثاني المقبل، في بحر الكاريبي». وقال مدير الاستخبارات في رئاسة أركان البحرية الفنزويلية، الأميرال سالباتور كاماراتا باستيداس، إن «هذه المناورات تنطوي على أهمية كبيرة لأميركا اللاتينية، لأنها الأولى من نوعها في المنطقة».
وفي ختام جولته الأوروبية، التي شملت أذربيجان وجورجيا وأوكرانيا، اتهم نائب الرئيس الأميركي موسكو، باللجوء إلى «أساليب الترهيب القديمة، واستخدام القوة الوحشية»، معتبراً أن روسيا تستخدم الطاقة «كأداة للقوة والهيمنة في آسيا الوسطى والقوقاز وأماكن أخرى، بالتهديد بوقف تدفق النفط والغاز الطبيعي».
أما الأبرز، فتجلّى في موضوع صفقات الأسلحة الروسية في الشرق الأوسط التي تطرق إليها تشيني، قائلاً إنها «تعرّض فرص السلام والحرية في المنطقة للخطر». وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن تشيني أعلن، خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في روما، أن «روسيا تمرر أسلحة إلى حزب الله»، موضحاً أن «موسكو تبيع أسلحة لإيران ودمشق مع معرفتها الواضحة بأنه يجري تمرير هذا السلاح مباشرة إلى منظمات إرهابية وحزب اللّه».
من جهتها، أكملت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس حملة التصعيد التي تنتهجها بلادها، إذ قالت إن «الوقت ليس مناسباً كي تنفذ الولايات المتحدة اتفاقاً نووياً مدنياً مع روسيا».
القساوة الأميركية قوبلت بتعنّت روسي، دفعت الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، خلال اجتماع لمجلس الدولة الاستشاري، إلى اتهام الغرب «باتخاذ إجراءات استفزازية في البحر الأسود والمنطقة المحيطة به، حيث تستخدم الولايات المتحدة سفنها الحربية في نقل المساعدات الإنسانية لجورجيا»، مضيفاً إن «أسطولاً أميركياً كاملاً أرسل لتوصيل المساعدات».
وقال مدفيديف إنه «استدعى مجلس الدولة لمناقشة التغيرات في السياسة الخارجية والأمنية الروسية»، مشدداً على أن روسيا «لن تسمح أبداً لأحد بوضع سعر لقيمة مواطنيها. روسيا حكومة يتعين أن يحسب لها حساب في المستقبل. أوقفنا العدوان العسكري وحمينا قوانينا ومصالحنا».
من جهة أخرى، رأى مدفيديف، في موقف لافت، أن «روسيا لم تغير موقفها الحار والأخوي حيال الشعب الجورجي»، موضحاً «لا يزال لدينا موقف أخوي حيال الشعب الجورجي ولا شيء يمكن أن يحطم هذه المشاعر». وأضاف إن «التاريخ سيحكم على الجرائم التي ارتكبتها القيادة الجورجية الحالية».
وفي ما يتعلق بكثافة وجود سفن حلف الأطلسي في البحر الأسود، قال مصدر في جهاز الاستخبارات العسكري الروسية، إن «مجموعة قطع الأطلسي احتلت عملياً كل النقاط المحورية في البحر الأسود، وإن كانت حتى الآن تتجنب دخول المياه المتاخمة لمناطق نشاط قطع أسطول البحر الأسود الروسي».
هذا الصراع المحموم بين واشنطن وموسكو، دفع بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى التخفيف من حدته، إذ قال لشبكة الـ «سي أن أن» الإخبارية الأميركية، إن «بلاده لا تريد علاقات سيئة مع الولايات المتحدة، لكن روسيا لا تستطيع أن تفرض على أميركا التعاون في مسألة أو في أخرى».
واعترف لافروف بأن النزاع مع جورجيا قد يكون أدى إلى «عزل موسكو عن المجتمع الدولي. لكن روسيا على استعداد للعمل مع أي إدارة أميركية بشأن المسائل الاستراتيجية مثل منع التسريب النووي، ومكافحة الإرهاب والاستخدام السلمي للطاقة النووية».
أما فرنسا، التي قررت السير في طريق محاولة تقريب وجهات النظر والتقارب مع روسيا، فحذر وزير خارجيتها «من أن فرض أي عقوبات على روسيا يمكن أن يأتي بأثر عكسي، بسبب اعتماد أوروبا عليها في إمدادات النفط والغاز»، وذلك خلافاً لأقواله سابقاً. واقترح «أن يتحد مشترو الطاقة في الاتحاد الأوروبي لتقوية يد أوروبا في التعامل مع روسيا كمورد للغاز». وأشار إلى أهمية الحفاظ على العلاقات مع روسيا في ما يتعلق بإيران.
إلى ذلك، قال كوشنير إن «الاتحاد اللأوروبي وافق على إرسال بعثة مستقلة إلى جورجيا لمراقبة الانسحاب الروسي»، متهماً موسكو «بعدم احترام عدة نقاط في خطة السلام التي جرى التوصل إليها بوساطة فرنسية».
هذا التأخير في تنفيذ الاتفاق، قد ينتهي اليوم، من خلال زيارة ساركوزي وكوشنير إلى موسكو وتبليسي. وأوضحت أوساط الرئاسة الفرنسية أن ساركوزي يأمل إحراز «تقدم» خلال لقائه نظيره الروسي، لبحث نشر بعثة مراقبين مستقلين على الأراضي الجورجية، ووضع تاريخ محدد وآليات والتزامات من موسكو تضمن إنجاز الانسحاب الروسي.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، أ ب)