واشنطن ــ محمد سعيدلم يفاجئ الرئيس الأميركي جورج بوش أحداً، حين قرّر في آخر خطاب يلقيه عن خططه العراقيّة بصفته رئيساً للولايات المتحدة وقائداً أعلى للقوات المسلّحة، أمس، برميه مسؤولية حياة جنوده المنتشرين في العراق على خليفته المرتقب في البيت الأبيض.
أمّا أبرز ما جاء في خطابه الذي ألقاه في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن، خارج إطار شؤون بلاد الرافدين، فكانت وجهته باكستان، التي صنّفها على أنها «ساحة رئيسية للحرب على الإرهاب»، مطالباً حكومتها ورئيسها الجديد آصف زرداري بتحمّل مسؤولياتهما في هذا الصدد.
وقرّر بوش الإبقاء على قوات بلاده المحتلة للعراق على مستواها الحالي، كاشفاً عن أنه سيسحب 8 آلاف جندي في منتصف كانون الثاني المقبل، ومشيراً إلى إمكان سحب المزيد منها في النصف الأول من العام المقبل، علماً بأنّ بوش سيترك مكتبه البيضاوي في 20 كانون الثاني المقبل، فيكون بذلك قد رمى مسؤولية أمن جنوده والمنطقة على الرئيس المقبل.
ورغم تشديده على أنّ القوات العراقية «باتت قادرة بشكل متزايد على القيادة والفوز في المعركة» عاد وذكّر بأنّ «الوضع هناك لم يتغيّر تغيّراً كبيراً».
وكما كان متوقّعاً، لاقى الشقّ العراقي من خطاب بوش تعليقات وانتقادات معظمها «ديموقراطية» باتت اعتياديّة منذ دخل الملف العراقي ساحة التجاذبات الانتخابية الأميركية. وفي السياق، رأى رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس، الجمهوري آيك سكلتون، أنّ خطة بوش «قد تكون على السكة الصحيحة، لكن الأكيد أنها رمت المسؤولية على كاهل الرئيس المقبل»، مصرّاً على ضرورة القيام بالمزيد من الانسحابات السريعة، «ليصبح الجيش قادراً على إعادة بناء قدراته لحسم الحرب في أفغانستان».
بدوره، عبّر رئيس الغالبية الديموقراطية في مجلسي النواب والشيوخ، هاري ريد، عن «ذهوله» من خطّة الرئيس، واصفاً العدد الذي قرر سحبه من بلاد الرافدين، وذلك الذي سيرسله إلى أفغانستان، بأنه «ضئيل جداً».
ثمّ خصّص بوش نحو نصف خطابه عن أفغانستان وباكستان ومكافحة الإرهاب، حيث أشار إلى الدفع بهدوء بتعزيزات عسكرية إضافية وصلت إلى 31 ألفاً، لأنه «مع كل العمل الجيد الذي قامت به القوات الأميركية في أفغانستان، إلا أنه يتعين عمل المزيد»، بما أنّ الوضع «لا يزال أسوأ مما هو في العراق».
في المقابل، تعهّد بوش بمساعدة الحكومة الباكستانية على هزيمة «طالبان ــــ باكستان» ومقاتلي «القاعدة» الذي «أخرجناه من أفغانستان وهو يحاول إيجاد ملاذ له في باكستان».
وختم بوش كلامه عن باكستان باعتبارها «ساحة رئيسية للحرب على الإرهاب»، من دون أن ينسى مطالبة حكومتها بالاضطلاع بمسؤولياتها «في قتال المتطرفين». وتعهّد الرئيس الأميركي بتقديم مساعدات من بلاده وحلف شمالي الأطلسي إلى إسلام أباد، وهو ما أبلغه لزرداري في اتصال هاتفي أجراه معه أمس.