أرنست خوريهل دخل رجب طيب أردوغان خانة المحظور بحسب قواعد اللعبة الداخلية التركية؟ سؤال موجب تفرضه أسباب موجبة في سياق تعاطيه مع الحملة التي يشنّها عليه خصومه من «حيتان» عالم رجال الأعمال الأتراك المدعومين من أحزاب المعارضة العلمانية، ومعهم قضاة ألمان، على هامش قضيّة الفساد المالي وتبييض الأموال وتهريبها من ألمانيا إلى تركيا، في ما بات يُعرَف بأزمة الجمعية الخيرية «دينيز فينيري».
تداعيات المسألة تتفاعل في ألمانيا قضائياً، وفي تركيا إعلامياً وسياسياً. وقد تشهد الأيام القليلة المقبلة تحريكاً لهذا الملف في أروقة المحاكم التركية، بعدما أعلن كلّ من رئيس «مجموعة دوغان» الاقتصادية والإعلامية أيدين دوغان، ورئيسي حزبي الشعب الجمهوري دنيز بايكال والحركة القومية التركية دولة بهشلي، عن نيّتهم رفع دعوى قضائيّة على حزب «العدالة والتنمية»، ومؤسسات خيرية وإعلامية تابعة له، وعلى الحكومة وأردوغان نفسه، بتورّطهم في أكبر فضيحة تهريب غير شرعي لتبرّعات دينية في تاريخ تركيا.
أولى التداعيات جاءت على الصعيد السياسي لتشير إلى دفن التحالف الذي دام نحو 6 أشهر بين حزب أردوغان وحزب «الحركة القومية» المتطرف. تحالف أدّى إلى إمرار عدد من القوانين والإصلاحات (أهمها السماح بارتداء الحجاب في الجامعات) ما كانت لتمرّ لولا أصوات ثالث أكبر أحزاب البلاد.
ثاني التطوّرات قضائي، بحيث أشار المدّعي العام الألماني ألكسندر بويهم، خلال جلسة محاكمة المتّهمين بالقضية في فرانكفورت، أول من أمس، إلى أنّ مبلغ 8.9 ملايين يورو سلّمها الفرع الألماني من المنظمة الخيرية «دنيز فينيري» عن طريق فرع فيينا لمصرف «وقف بنك»، لرئيس محطّة تلفزيون «كنال 7» زكريا كرمان، المحسوب على حزب «العدالة والتنمية» (أكّدت صحف المعارضة أنّه كان من المفترض أن يتسلّمها أردوغان شخصياً).
ثالث الأخبار السيّئة التي تلقّاها أردوغان من جرّاء الفضيحة، هو تدخّل الاتحاد الأوروبي مدافعاً عن المعارضة وصحفها التي كانت أوّل من كشف عن تفاصيل القضية. تدخّل أوحى به نائب رئيس لجنة الشؤون البرلمانية في الاتحاد، جوست لاجنديجك، ردّاً على الهجوم الذي شنّه أردوغان على صحف وتلفزيونات مجموعة دوغان (وفي مقدّمها كبرى الصحف التركيّة «حرييت»)، متهماً إياها بالكذب والنفاق واختلاق الحقائق. وقال لاجنديجك لصحيفة «ملييت» (إحدى صحف المجموعة أيضاً)، إنّه «لا يحقّ لأردوغان بأي صورة تهديد وسائل الإعلام حين تكتب شيئاً سيّئاً عنه»، في إشارة إلى تلويح رئيس الوزراء بمقاضاة الصحيفة التي نشرت مقاطع من النصّ الحرفي لدعوى الفضيحة.
من الواضح أنّ مواجهة رئيس الحكومة التركية مع إمبراطورية «دوغان» غير متكافئة، ومحسومة سلفاً لمصلحة الطرف الثاني، وهو ما انعكس حملة هوجاء دخلت أسبوعها الثاني ضدّه.