Strong>موراليس يعلن السفير الأميركي «شخصاً غير مرغوب فيه»: يتآمر على وحدتناأشعل التفجير الذي استهدف أنبوباً للغاز في بوليفيا انتفاضة شبابية وضعت البلاد أمام شبح حرب أهلية محتملة، فيما تشير التقارير إلى انخفاض كمية الغاز التي تبيعها البلاد إلى البرازيل

بول الأشقر
بدأت المعارضة المناطقية في بوليفيا باحتلال المباني الرسمية منذ الثلاثاء الماضي، مع دخول تحركها أسبوعه الثالث. لكن تفجير أنبوب «بايب لاين» للغاز الطبيعي في ولاية تاريخا، كان الشرارة التي أشعلت انتفاضة المعارضة في الولايات الشرقية.
انتفاضة قامت بها مجموعات «الشبيبة المدنية» في سانتا كروز وتاريخا، فيما يدلّ أول التقارير على أن هذا التفجير سيؤدي إلى انخفاض كمية الغاز التي تبيعها بوليفيا يومياً إلى البرازيل.
القصة بدأت منذ أشهر عندما طالبت المعارضة البوليفية باسترجاع بعض الموارد المالية العائدة للولايات، والتي حجزتها الحكومة لتمويل برامجها الاجتماعية. مطالبة سارت بموازاة التصعيد بعد الاستفتاء الذي ثبّت ولاية الرئيس إيفو موراليس بحصوله على تأييد ثلثي المقترعين.
غير أن هذا التحرك اتّخذ منحىً عنفياً بعدما دعا موراليس إلى استفتاءين على إقرار الدستور الجديد والإصلاح الزراعي في كانون الأول المقبل. ورفضت المعارضة دعوة الحكومة إلى التفاوض من أجل التوفيق بين التشريعات المناطقية التي أقرّتها الولايات الشرقية والدستور الجديد الذي أقرّته الأكثرية الموالية لموراليس.
أما في الوقائع، فقد احتلت «شبيبة سانتا كروز»، نهار الثلاثاء، المباني الرسمية في المدينة، ومنها مركز الضرائب ومكتب الإصلاح الزراعي ومحطة التلفزيون وغيرها، وعبثت بمحتوياتها وأضرمت النار فيها. وكانت حصيلة اليوم الأول أكثر من سبعين جريحاً، فيما برّر محافظ ولاية سانتا كروز، روبين كوستاس، العنف الحاصل بقوله «إنه نتيجة لإرهاب الدولة الذي تمارسه الحكومة، ولرفضها الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها الذي عبّرت عنه في استفتاءات الحكم الذاتي المحلّي».
واستمرت «الشبيبة» في سانتا كروز باحتلال المباني الرسمية يوم الأربعاء، فيما ذكر مسؤول عنها «أننا لن نعيد هذه المؤسسات إلى الحكومة المركزية، بل سنسلّمها إلى الحكومة المحلّية».
وعادت «الشبيبة» واشتبكت مع الشرطة وقوى الجيش المكلّفة حماية هذه المؤسسات وأشبعتها ضرباً، بعد أن جرّدتها من أسلحتها.
لكن الأسوأ كان الأربعاء، حين أُحرقت الأسواق الشعبية التابعة لهنود من المناطق الغربية، بينما شهدت ولاية تاريخا مواجهات بين «الشبيبة» والموالين لموراليس المتجذرين فيها، والذين نجحوا في منع إضرام الحرائق.
وأدّت المواجهات التي جرت بالعصي والسهام ورمي أصابع ديناميت إلى سقوط أكثر من 50 جريحاً من الطرفين. واحتلت المعارضة حقول إضافية للغاز الطبيعي، وأكملت استيلاءها على المطارات المناطقية، بينما يستمر إقفال الحدود مع البرازيل، حيث تنتظر قافلة كبيرة من الشاحنات إذن المرور في الاتجاهين.
أما من الجهة المقابلة، فكان هناك عدد من المبادرات المتفاوتة الأهمية؛ فقد قررت الحكومة وضع الحقول والمنشآت النفطية تحت حماية الجيش، فيما أبقت المؤسسات الرسمية الأخرى خاضعة للشرطة المكلّفة أيضاً الفصل في المواجهات. واستبعدت إعلان حال الطوارئ، فيما وصفت وزارة الداخلية ما يحدث بأنه «بداية انقلاب مدني محافظاتي ــــ نسبة إلى «الشبيبة المدنية» والمحافظين ــــ لإيقاع البلد في الحرب الأهلية».
وفيما جرت تجمعات في مدينة لاباز وألألتو، طالبت الحكومة بـ«تسليح الناس للدفاع عن البلد وعن موراليس»، وبدأ بعض القوى الموالية للرئيس في المناطق الريفية للولايات الشرقية بقطع الطرق في محاولة «محاصرة محاصري التغيير».
وتضامنت البرازيل مع الحكومة «الدستورية» البوليفية، وتمنّت «الإيقاف الفوري لأعمال المجموعات التي تلجأ إلى العنف والتخويف». وقال الرئيس الفنزويلّي هوغو تشافيز، إن «ما يحدث في بوليفيا هجمة من قوى اليمين المتطرّف في الولايات المتحدة وعملائهم المحليين».
واستنكر الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية، خوسي ميغيل إنسولزا، «ما يحصل منذ 48 ساعة، ولجوء المعارضة إلى استعمال العنف»، منوّهاً بصبر موراليس.
أما موراليس، فقد رأى، خلال مهرجان شعبي، أن سفير الولايات المتحدة وليام غولدبيرغ «شخصاً غير مرغوب فيه في بلدنا... أقولها أمامكم من دون خشية أحد، ومن دون خشية الإمبراطورية».
وطلب موراليس من وزير خارجيته، ديفيد شوكيهوانكا، أخذ التدابير الكفيلة بمغادرة السفير الأميركي لبوليفيا، متّهماً غولدبيرغ بأنه «الشخص الذي ثبّت الانفصال وترك آلاف من القتلى في البوسنة وكوسوفو، ولا نريد انفصاليين في بوليفيا». واتهمه بـ«شحن الجو الانقلابي، وبالتآمر على وحدة بوليفيا ومؤسساتها».
في المقابل، عبّرت السفارة الأميركية عن «دهشتها» لأن وزير الخارجية البوليفي كان مجتمعاً مع غولدبيرغ عندما أفيد علماً بقرار موراليس. وقال وزير الدولة المساعد لشؤون أميركا اللاتينية، الأميركي توماس شانون، إن الرئيس البوليفي ارتكب «خطأً جسيماً».