60 قتيلاً و250 جريحاً بعد ساعات من تأكيد زرداري «الحرص على السيادة» يبدو أن الرئيس الباكستاني الجديد سيواجه حرباً مريرة مع «الإرهاب». فما كاد يُنهي خطابه الأول أمام البرلمان، حتى تلقّت إسلام آباد رسالة دموية ضربت فندق «ماريوت»، منتجع الدبلوماسيين والنخب الباكستانية، كانت أشبه بإنذار عما ستكون عليه الحرب وثمن التحالف مع الولايات المتحدة
شهدت إسلام آباد، أول من أمس، هجوماً انتحارياً هو الأكثر دموية في العاصمة الباكستانية، استهدف فندق «ماريوت»، وسقط ضحيته نحو 60 قتيلاً، بينهم أجانب والسفير التشيكي، وجاء بعد ساعات من إلقاء الرئيس الباكستاني آصف زرداري خطابه أمام البرلمان، حيث عرض استراتيجيته لمكافحة الإرهاب.
ويعدّ فندق «ماريوت» منتجعاً سياحياً ترتاده النخبة الباكستانية ودبلوماسيون وأجانب، بعضهم يعمل بصفة سرّية. ووقع الانفجار قرابة موعد الإفطار في شهر رمضان حين يكون الفندق مكتظّا.
وقال رئيس الحكومة الباكستانية، يوسف رضا جيلاني، إنّ الانتحاري هاجم الفندق بعدما منعه الحراس من الوصول إلى البرلمان أو إلى مكتب رئاسة الوزراء، حيث كان يجتمع الرئيس مع شخصيات بارزة على العشاء، مشيراً إلى أنّ «الهدف من الهجوم زعزعة الديموقراطية وتدمير الاقتصاد».
وأشار جيلاني إلى أنّ عدد القتلى وصل إلى 60، من ضمنهم السفير التشيكي إيفو زدارك الذي أتى إلى إسلام آباد الشهر الماضي، بعدما أمضى أربع سنوات في فيتنام سفيراً لبلاده. وهذه الحصيلة مرشّحة للارتفاع مع إصابة أكثر من 250 شخصاً بجروح.
وأوضح وزير الداخلية، رحمن مالك، أنّ بين القتلى مواطناً أميركياً وآخر فيتنامياً، مشيراً إلى أنّ العبوة تزن 600 كيلوغرام من المتفجرات المصنوعة لأغراض عسكرية وكذلك المدفعية وقذائف الهاون، وخلّف انفجارها فجوة عرضها 18 متراً وعمقها 7.3 أمتار أمام المبنى.
وقالت مصادر أمنية إن 21 أجنبياً على الأقل كانوا بين الجرحى، بينهم بريطانيون وألمان وأميركيون. وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية أن سبعة ألمان جُرحوا في الاعتداء، فيما أشارت سفارة السعودية لدى إسلام آباد إلى أنّ ستة أشخاص يعملون في الخطوط الجوّية السعودية تعرّضوا لإصابات طفيفة. وأعلنت وزارة الخارجية الدنماركية عن فقدان أحد دبلوماسييها.
من جهته، اتهم مالك الفندق، صدر الدين حشواني، القوى الأمنية بارتكاب خطأ فادح عبر السماح للشاحنة المحمّلة بالمتفجرات بالاقتراب من الفندق من دون محاولة منعها وقتل السائق قبل أن يتمكن من تفجيرها، قائلاً «لو كنت هناك ورأيت الانتحاري لقتلته، لسوء الحظ لم يفعلوا ذلك».
ولم تتبنَّ أي جماعة الهجوم، لكن الشكوك تحوم حول تنظيمي «القاعدة» و«طالبان». ويقول مراقبون إنّ الهجوم كان بمثابة إنذار للرئيس الباكستاني كي يوقف تعاونه في الحرب على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة.
والهجوم يأتي بعد شهر من تفجير انتحاري مزدوج قتل 67 شخصاً أمام مصنع أسلحة في مدينة واه القبلية، وبعد تسعة أشهر على التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو وقتل نحو 150 شخصاً في كراتشي.
وبعد الهجوم، دان زرداري «الاعتداء الجبان»، وتعهّد باستئصال «هذا السرطان من البلاد». كذلك فعل قائد الجيش، أشفاق كياني، الذي وصف الاعتداء بأنه «بشع»، وقال إن «الجيش سيقف مع الأمة في حربها لهزيمة قوى التطرّف والإرهاب».
وكان زرداري قد ألقى قبل ساعات من وقوع الهجوم خطابه الأول كرئيس أمام البرلمان. وقال إن بلاده «لن تتسامح مع أي انتهاك لسيادتها باسم محاربة الإرهاب»، في إشارة إلى الهجمات التي نفّذتها قوات أميركية خاصة داخل المناطق القبلية الباكستانية. ودعا إلى «اجتثاث الإرهاب والتطرّف أينما كانا وفي أي وقت كان»، عارضاً استراتيجية حكومته لمكافحة الإرهاب المؤلّفة من ثلاثة عناصر: أولاً، إحلال السلام مع أولئك الذين يرغبون في الحفاظ على السلام وإدانة العنف. ثانياً، الاستثمار في التنمية وتحقيق النهوض الاجتماعي في البلاد. ثالثاً استخدام القوة ملاذاً أخيراً ضدّ العناصر الذين يرفضون تسليم أسلحتهم ويهاجمون القوات الأمنية.
وقال الرئيس الأميركي جورج بوش إنّ «الاعتداء هو تذكير بالتهديد الذي تواجهه باكستان والولايات المتحدة، وكل من يستهدفه العنف الأصولي». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، شون ماكورماك، إن «هذا الهجوم الوحشي الذي يأتي خلال شهر رمضان يدل على أنّ المسؤولين عنه لا يحترمون مبادىء إيمانهم».
وتسابق المتنافسان في السباق الرئاسي للتنديد بالاعتداء، فرأى باراك أوباما أنّ «الاعتداء يدلّ على فداحة الخطر الكبير الذي تمثّله القاعدة»، داعياً إلى إعادة التركيز عليه، فيما أشار جون ماكاين إلى أنّ «ذلك يعكس ضرورة أن يعمل الرئيس المقبل بشكل وثيق مع حلفائنا للتصدّي للتطرّف الإسلامي».
(أ ب، ا ف ب، يو بي آي، رويترز)