واشنطن ــ محمد سعيديثير برنامج الحزب الجمهوري في ما يتعلق بالسياسة الخارجية التي طرحها المرشّح جون ماكاين في 64 صفحة، مخاوف حقيقية عند عدد من المراقبين على طبيعة النظام الأميركي في حال فوزه في 4 تشرين الثاني المقبل.
فبحسب برنامج الحزب، سيمتلك الرئيس وحده سلطة اتخاذ القرارات الخاصة بالحرب، ويرفض أي دور للكونغرس في السياسة الخارجية، وهو ما يبدو تأكيداً مسبقاً لمخاوف الديموقراطيين المسيطرين على غالبية مقاعد مجلس الشيوخ، من تهميش دورهم في محاولة منع شنّ حرب محتملة على إيران.
كذلك يهاجم برنامج الجمهوريين القانون الدولي ومؤسسة الأمم المتحدة «الغارقة في الفضائح والفساد وتمارس التمييز ضد إسرائيل». ويشيد البرنامج بجهود الولايات المتحدة لوضع الدولة العبرية في المجموعة الإقليمية الخاصة بأوروبا الغربية، رغم أنها تقع في الشرق الأوسط.
ويرفض البرنامج سلطة المحكمة الجنائية الدولية على الولايات المتحدة، ويمنح واشنطن الحق في استخدام القوة المسلحة ضد دول مثل هولندا، مقرّ المحكمة، «إذا ما اعتقلت مواطنين أميركيين أو أي مواطن من الدول الحليفة». كما يرفض قانون معاهدة البحار التي تحدد حقوق ومسؤوليات الدول في استخدام المحيطات ووضع دليل لحماية البيئة وإدارة الموارد الطبيعية للبحار والمحيطات.
وفي ما يتعلق بالمنطقة العربية، يقول برنامج الحزب الجمهوري إن «زخم التغيير في الشرق الاوسط كان في الاتجاه الصحيح وخاصة في ما يتعلق بحقوق المرأة». ويقرّ بـ«المساعدة القيّمة التي تلقتها الولايات المتحدة من معظم حكومات المنطقة في مجال الحرب على الإرهاب، فتلك الدول التي عقدت سلاماً مع إسرائيل، رسمياً أو فعلياً، تستحق تقديرنا ومساعدتنا».
ويتابع نصّ المشروع الانتخابي: «نناشد باستمرار عزل جماعات كحركة حماس وحزب الله لأنها لا تتماشى مع قيم المجتمع الدولي، ونطالب بإعادة الاعتبار لاستقلال لبنان وسيادته والتنفيذ الكامل لكل قرارات الامم المتحدة المتعلقة به».
وفي ما يتعلق بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، يصف البرنامج إسرائيل بأنها «نموذج ديموقراطي قوي وفريد في الشرق الاوسط»، مشيراً إلى «التزامنا بأمنها وضمان تفوقها النوعي على أي من خصومها في مجال التقنية العسكرية». وسياسياً، يؤيّد برنامج الجمهوريين «حل الدولتين: إسرائيل وعاصمتها القدس، وفلسطين».
وبالنسبة إلى العراق، يصرّ البرنامج على البقاء «حتى النصر وقيام دولة موحدة ومستقرة وديموقراطية في العراق»، وذلك بهدف حرمان تنظيم «القاعدة» من «ساحة آمنة، وتحجيم النفوذ الايراني في الشرق الاوسط، ودعم القوى المعتدلة هناك». ويرفض وضع أي جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال، وهو ما يشبّهه مراقبون أميركيون بسياسة الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون في الدفاع عن سياساته التي أدت إلى إطالة أمد الحرب في فيتنام.
وبالرغم من النكسات المستمرة للسياسة الأميركية ـــــ الأطلسية في أفغانستان، فإن البرنامج يصرّ على وجود «تقدّم كبير»، من دون إغفال ضرورة الدفع بقوات إضافية قوامها دول حلف شمالي الاطلسي ورفع عدد قوات الجيش الافعاني معاً.
وعن إيران، يكرّر برنامج الحزب الجمهوري، وصف نظام الحكم في طهران بأنه «مستبدّ وعدواني، وليس جديراً بقيادة الشعب الإيراني». وبعد إعرابه عن «تقديره للشعب الايراني في سعيه للسلام وطموحه بالحرية...»، يشدّد على أنه يجب فعل كل شيء لإعطائه «حق اختيار حكومته الخاصة به».
ونووياً، يؤيّد الجمهوريون «بصريح العبارة انتهاج حكومة الولايات المتحدة، بالتعاون مع المجتمع الدولي، سياسة من شأنها عدم السماح للنظام الحالي في طهران بتطوير أسلحة نووية».
وعن الوسائل التي يجب على واشنطن انتهاجها بحقّ إيران، يتحاشى الجمهوريون التحدّث بوضوح عن الوسائل العسكرية، ويدعمون «ممارسة ضغوط مشددة في المجالات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية من أجل إقناع حكام إيران بالتوقف عن سعيهم لاقتناء أسلحة نووية»، ويشددون على «إنزال عقوبات مشددة بحق إيران والشركات التي لديها نشاطات أو تعاملات مع إيران».
وعن احتمال تنظيم جولات مفاوضات أميركية ـــــ إيرانية، يعارض الجمهوريون الدخول «في محادثات غير مشروطة على المستوى الرئاسي مع النظام الايراني لحين اتخاذه خطوات من شأنها تحسين سياسته». غير أنّ المشروع الخارجي لماكاين يعود ويلمّح إلى الحرب، عندما يذكّر بضرورة الاحتفاظ «بكل الاحتمالات في تعاملنا مع وضع خطير يهدّد أمننا ومصالحنا وسلامة أصدقائنا».
ويكيل الجمهوريون المديح لحكومات الدول المؤيدة للسياسات الأميركية، ومن بينها المغرب التي يشير إلى «تعاونها وإلى التقدم الاقتصادي والاجتماعي الحاصلين فيها»، كذلك يشيد بأنظمة دول مجلس التعاون الخليجي لتعاونها مع الولايات المتحدة في حربها على «الإرهاب».