Strong>بان: القارة السمراء تخسر الحرب على الفقر والمرض والجهل والمناخيمكن وصف الدورة الـ63 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي بدأت في نيويورك أمس، بأنها قمة أفريقية بامتياز. تلك القارة السمراء التي تفتك بها المشكلات من كل حدب وصوب. بيد أن ما يُطلق من وعود يبقى أقلّ بكثير ممّا ترتجيه القارة، التي تجمع المأساة من أطرافها

نيويورك ـ نزار عبود
بدأت في نيويورك أمس أولى فعاليات الدورة الـ63 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمؤتمر رفيع المستوى عن احتياجات أفريقيا للتنمية. وأبدى الأمين العام للمنظمة الدولية، بان كي مون، في كلمة الافتتاح شكوكاً في أن تحقق أفريقيا أهداف الألفية في عام 2015 بسبب تدهور الأوضاع البيئية والأمنية، فضلاً عن زيادة التضخم وشح الموارد.
والأهداف تتركز على القضاء على الأمراض والفقر، ولو بنصف مستواه في عام 2000 ونشر التعليم الأساسي ومقاومة تحدي المناخ، وتحسين وضع حقوق الإنسان، ومحاربة الإرهاب.
لكن الواقع يشير إلى أن التقدم يجري ببطء شديد نتيجة الأزمة المالية العالمية وزيادة عدم الاستقرار بسبب انتشار النزاعات، والقحط الشديد الذي يضرب شرق أفريقيا حالياً، كلها تهدد ما تحقق من إنجاز. وقال بان: «ما من دولة أفريقية ستحقق أهداف الألفية في 2015وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن أفريقيا تحتاج إلى 72 مليار دولار سنوياً من التمويل الخارجي (وهو يمثّل ضعفا ما أقرته قمة غلين إيغلز التي عقدت في اسكتلندة في 2005) لكي تحقق أهداف الألفية في الموعد المحدد، مستشهداً بتقرير «مجموعة التوجيه الأفريقية، التي تألفت العام الماضي والتي تعنى بترتيب المعونات الدولية للقارة.
وذكّر بان المؤتمر بأن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنفقت العام الماضي فقط 267 مليار دولار في دعم قطاعاتها الزراعية. وأشار إلى أن المبلغ المطلوب يبقى زهيداً قياساً بالنتائج التي يمكن توفيرها في محاربة المجاعة. ودعا إلى عقد مؤتمر متابعة آخر في 2010 لمراجعة ما تحقق.
وناشد بان المؤتمرين مساعدة إثيوبيا خصوصاً بسبب المجاعة التي تهدد الملايين فيها. وأضاف: «إن تبدل المناخ يؤدي إلى حدوث منافسات وصراعات على الموارد الطبيعية»، محذراً من أن النزاعات تهدد بالتوسع والانتشار إلى أماكن أخرى من القارة، متجاوزة الحدود السياسية. وقال إن حل مشاكل الفقر والعوز لا ينفصل عن حل النزاعات المسلحة.
ومعروف أن أفريقيا لا تعاني الفقر والنزاعات المسلحة وحسب، بل إن الملايين يتعرضون للموت بسبب مرض الآيدز وفيروس «إتش. آي. في» والملاريا والسل، فيما التعليم يبقى حلماً بالنسبة إلى عشرات ملايين الأطفال.
وبقيت نداءات بان من باب التمني بالنظر إلى أن الدول التي ينتظر أن تحل النزاعات وتقدّم المساعدات غالباً ما تسعى إلى تحقيق مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية الخاصة في القارة.
وفي مداخلته أمام الجمعية، تحدث الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، عن «تحسن عام في الاقتصاد الأفريقي بنسبة 5 في المئة سنوياً، وأنه يرتفع بنسبة 8 في المئة هذا العام. لكن أزمة الغذاء الأفريقية مستفحلة».
وأضاف ساركوزي أن أوروبا تريد المساعدة في تحقيق ثورتين زراعيتين في أفريقيا من طريق جعل القارة تحقق اكتفاءً غذائياً بمساعدة الأسرة في أفريقيا على تطوير مواردها.
وطالب الدول المانحة بمضاعفة جهودها وتنسيقها في تقديم العون لأفريقيا بعيداً عن الاستدانة. وحذّر من أن تؤدي نزعة الاستدانة السائدة حالياً إلى تفجّر أزمة مديونية جديدة في عام 2030.
وعن الاتحاد الأفريقي، قال رئيس المفوضية، جان بينغ، إن أفريقيا تحتاج إلى تنمية مستدامة وإلى حلول جذرية للصراعات والنزاعات القبلية وبين الدول بالتعاون على المستويين الإقليمي والدولي. وأشار إلى أن النزاعات الأفريقية ليست محلية تماماً، بل إن الكثير منها ناتج من ولاءات خارجية. ورأى أن الوفاق الدولي والتعاون من أجل إيجاد حلول شاملة بين الكتل السياسية الكبرى من شأنهما تذليل الكثير من العقبات على طريق محاربة الفقر والمرض والجهل.
وطالب بينغ بمعالجات دولية لمشكلة التصحّر، التي بدورها تُسهم سلباً في تفاقم الصراعات.
ومن المقرر أن يتبع المؤتمر الأفريقي في الـ25 من الشهر الحالي بمؤتمر آخر يراجع أهداف الألفية.
من جهة ثانية، يتوجه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو، إلى نيويورك هذا الأسبوع لحشد الدعم لمساعيه لمحاكمة الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وسيلتقي أوكامبو بمسؤولين من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي حسب بيان المحكمة، فيما يتصاعد الجدل حول في ما اذا كان يجب على مجلس الأمن الدولي تجميد إجراءات التحقيق.
وقال بيان أصدره مكتب أوكامبو إنه سيبحث «كيفية توفير مزيد من الحماية للمدنيين في دارفور ووقف الجرائم».